قال المنسق الأوروبي للمحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بمفاوضات فيينا، إنريكي مورا، إن "طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة"، في إشارة إلى المفاوضات التي جرت بين أبريل – يونيو الماضيين.
وأضاف مورا أن إيران "تطالب بتغييرات كبيرة" تتعارض بعضها مع اتفاق 2015، ومن غير الواضح كيف يمكن سد الفجوات الجديدة في إطار زمني واقعي بناء على المسودات الإيرانية"، لافتا إلى أن المحادثات ستستأنف "الأسبوع المقبل لمعرفة ما إذا كانت هذه الخلافات يمكن التغلب عليها أم لا".
يأتي ذلك في نهاية اليوم الخامس من المحادثات غير المباشرة بين طهران والولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي المبرم في 2015، والتي بدأت هذا الأسبوع، واختتمت الجمعة باجتماع رسمي يضم باقي أطراف الاتفاق (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين).
مسودتان إيرانيتان
والخميس، قدمت إيران للقوى الأوروبية المشاركة في مفاوضات الاتفاق النووي، مسودتين بشأن رفع العقوبات والالتزامات النووية.
وقال كبير المفاوضين النوويين الإيراني، علي باقري كني، في تصريحات صحفية من فيينا: "قدمنا لهم مسودتي مقترحين.. ويحتاجون بالطبع لدراسة فحص النصوص التي قدمناها لهم.. إذا كانوا مستعدين لاستكمال المحادثات، نحن في فيينا لاستكمالها".
وبعد اعتراض أوروبي أميركي على فحواهما، أشار إلى أن الأطراف الأوروبية يمكن أن تقترح مسودات خاصة للمناقشة بعدما أبدوا استياءهم من مطالبنا في المحادثات النووية.
واستؤنفت المحادثات بعد توقف دام 5 أشهر بسبب انتخاب إبراهيم رئيسي، رئيسا جديدا لإيران.
وتسعى المفاوضات الحالية إلى إنقاذ الاتفاق النووي، عبر إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق لذي انسحبت منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وإجبار إيران على الالتزام ببنود الاتفاق الذي تنصلت من كثير منها.
وتريد طهران رفع العقوبات المفروضة عليها بشكل كامل ودفعة واحدة، الأمر الذي ترفصه الولايات المتحدة وتريد ضمانات للالتزام بالبرنامج النووي الإيراني.
تشاؤم أوروبي أميركي
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن إن الإشارات القادمة من المباحثات النووية في فيينا، "لا تبعث على التفاؤل"، في إشارة إلى استمرار العقبات أمام الاتفاق الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران عام 2015، ثم انسحبت منه واشنطن.
ووجه بلينكن انتقادات لإيران، قائلا: "لن نقبل أن تواصل إيران برنامجها النووي، بينما تجري مباحثات في فيينا".
وأضاف: "أحرزنا تقدما كبيرا في الجولات التي سبقت الانتخابات الإيرانية لكن ما شهدناه في اليوميين الماضيين هو عدم جدية إيران في العودة إلى الاتفاق".
وأوضح أن المسار الدبلوماسي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي يصبح "أقصر مع مرور الوقت"، مبرزا أن الإدارة الأميركية "ستتشاور مع الدول الأوروبية ودول الخليج وإسرائيل وروسيا والصين بشأن الخطوات المستقبلية".
فينما قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن الجولة الحالية من المحادثات النووية مع إيران في فيينا لم تكن ناجحة على ما يبدو، مضيفا: "أعتقد أنه من المحتمل ألا تنجح هذه الجولة من المفاوضات بالنظر إلى المواقف".
بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إن إيران تقدم على "ابتزاز نووي" باعتباره أحد تكتيكات إجراء المفاوضات، لافتا إلى أن الرد المناسب على ذلك ينبغي أن يكون وقف المفاوضات فورا، واتخاذ خطوات صارمة من قبل الدول العظمى.
والأربعاء، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران تحرز تقدما على مسار تخصيب اليورانيوم بعد أيام من محادثات إنقاذ الاتفاق النووي لعام 2015.
منتفعون من عدم الاتفاق
المحلل الإيراني، أميد شكري، قال إن "إيران تسعى إلى أكبر المكاسب عبر رفع العقوبات بشكل كامل وإنشاء آلية حقيقية لوقف الأضرار الناتجة عن العقوبات وكسب بعض الوقت لتجنب ذهاب الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي".
وأضاف شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج" (مقره واشنطن)، أنه في المقابل ترفض الولايات المتحدة إصرار إيران على رفع جميع العقوبات، خاصة أن جهود إيران لزيادة تخصيب اليورانيوم تتسارع.
وأوضح، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن إيران تهدر الوقت الذي يحتاجه الاقتصاد الإيراني لرفع العقوبات. قبل أن يستدرك: "لكن بعض السياسيين يستفيدون من الالتفاف على العقوبات ويعرقلون التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة.. بيع النفط في السوق السوداء والالتفاف على العقوبات من قبل بعض الجماعات له فوائد اقتصادية كبيرة."
وأكد على أنه "بدون اتصال مباشر بين مندوبي إيران والولايات المتحدة، لا يمكن أن يتوقع أن يتم ذكر مطالب الجانبين بالكامل في المحادثات وأن الشروط التي اتفقت عليها طهران وواشنطن سيتم الوفاء بها.. إذا لم يكن للطرفين اتصال مباشر. لن يتم التوصل إلى الصفقة على المدى القصير".
تابع: "إذا كانت طهران تريد حقاً اتفاقية جديدة، لم تكن لترفع سقف مطالبها ولما كانت تسارع في استمرار تخصيب اليورانيوم، قد يؤدي استمرار سياسة إيران الحالية بشأن برامجها النووية والصاروخية، فضلاً عن الطائرات بدون طيار، إلى سياسة أوروبية-صينية-روسية وأميركية أوثق تجاه طهران".
ماذا ينتظر إيران؟
وأشار إلى أنه "إذا لم يتم التوصل إلى الاتفاق على المدى القصير، فسوف يتدهور الوضع الاقتصادي والسياسي لإيران محليًا ودوليًا".
وحول الخيارات المرتقبة إذا فشلت المفاوضات، قال شكري: "حال لم تنجح المحادثات واستمرت إيران في برنامجها النووي، فمن المتوقع أن تكون منشآتها النووية مستهدفة من قبل إسرائيل، كما يمكن لواشنطن أن تفرض عقوبات جديدة على إيران ورفع ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن الدولي، وهو أمر لا يصب في مصلحة إيران على الإطلاق لأنه حاليًا سياسات الدول الأوروبية - والصين - روسيا والولايات المتحدة أقرب إلى بعضهما البعض خاصة في هذا الملف".