"ينتشر فيروس كورونا في معظم دول الاتحاد الأوروبي بشكل مقلق للغاية. مع زيادة سريعة وكبيرة في عدد الحالات"، هكذا صرح المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض قبل أيام. وأمام هذا الوضع، وفي ظل ظهور متحور جديد، اضطرت العديد من الدول لفرض إلزامية اللقاح رغم اعتراض فئة كبيرة من الأشخاص على تلقي أي جرعة منه.
لوقف الموجة الخامسة من كوفيد-19، يبدو أن فكرة فرض التطعيم على جميع السكان تكتسب زخمًا في أوروبا. وقد أعلنت بالفعل بعض الدول أن هذا الإجراء سيدخل حيز التنفيذ قريبًا، كما هو الحال في النمسا التي أعلنت أن التطعيم سيصبح إلزاميًا للجميع اعتبارًا من 1 فبراير 2022. فيما جعلته اليونان إجباريا بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا.
لماذا هذا التطور السريع في الإصابات؟
تؤكد مديرة معهد علم الفيروسات بمستشفيات جامعة ستراسبورغ، سميرة فافي كريمر، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الموجة الخامسة من وباء كورونا قد بدأت فعليا في أوروبا، وبلغة الأرقام، توضح أنه "في فرنسا مثلا، تم تسجيل 300 حالة إصابة في المتوسط لكل 100.000 نسمة ، فيما لم تكن تتعدى قبل الموجة 50 حالة لكل 100.000 نسمة".
وعن أسباب هذا التطور السريع في الإصابات، توضح مديرة معهد علم الفيروسات: "في الفترة الشتوية، يميل الناس إلى البقاء في البيت أكثر ما يعني تهوية أقل. كما أن بعض الخطوات الاحترازية يتم تجاوزها، كوضع الكمامة أو غسل اليدين بشكل دوري. هذا بالإضافة إلى أنه بدأ يتضح أكثر أن فيروس كورونا هو فيروس موسمي كباقي الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي في فصل الشتاء".
ووفقا لنماذج رياضية قدمها معهد باستور وبالنظر إلى الارتفاع المتسارع في عدد الإصابات، تتوقع عالمة الأوبئة تسجيل ذروة الموجة في بداية شهر يناير المقبل.
وفي المقابل، تستبعد فافي كريمر معرفة مستقبل الفيروس ومدى انتشاره لأنه حسب قولها، "يتعلق الأمر أولا بالفيروس نفسه وبالطفرات التي تطرأ عليه وبمناعة الأشخاص وكيفية تعاملهم مع الطرق الاحترازية لتجنب الإصابة به وبعدد الملقحين في كل بلد".
أوروبا تحت الضغط مع ظهور متحور "أوميكرون"
وقبل أن تصل أوروبا إلى نسب تطعيم تحقق مناعة جماعية، سجلت أولى حالات الإصابة بمتحور أوميكرون الذي ظهر في أكثر من 13 دولة أوروبية بعد أن أبلغت جنوب إفريقيا عن اكتشافه.
وحذر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها من أن هذا المتحور الجديد يمثل مخاطر "عالية إلى عالية جدًا" بالنسبة لأوروبا خصوصا في ظل انتعاش الوباء في القارة.
وفي هذا الشأن، تقول مديرة معهد علم الفيروسات بمستشفيات جامعة ستراسبورغ، إن "الإصابات الحالية بمتحور "أوميكرون" تعني إصابات أخرى سيتم اكتشافها في الأيام المقبلة. ولحد الساعة، لا نقدر فعليا تأثير ذلك على الوضع خصوصا أن المتحور "دلتا" منتشر أيضا في هذه الفترة وهو سريع العدوى والمتسبب الاساسي في الارتفاع الملاحظ حاليا في عدد المصابين في مختلف الدول الأوروبية".
وفيما لم يخف المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها تخوفه من أن يصبح متغير "أوميكرون" يشكل قريبًا أغلبية الإصابات في أوروبا، ترى فافي كريمر أنه سيتنشر بين أشخاص لهم مناعة عالية نظرا للإصابات المرتفعة بالمتحور "دلتا" أو لأن الأغلبية ملقحة، مما قد يقلل من مقاومته للمناعة.
وتستطرد قائلة: "لكن يبقى الأشخاص غير الملقحين أو الذين لم يصابوا بفيروس كورونا قط الأكثر عرضة لخطر الاصابة بمتحورات الفيروس وبمقاومة أقل لأعراضه. إذن الهدف الذي يجب إدراكه هو حصول أكبر نسبة من الأشخاص على أكبر عدد من مضادات الأجسام لمقاومته ولن يتم ذلك إلا عبر تلقي كل جرعات اللقاح".
أعراض "أوميكرون" تبقى تخمينية
أما فيما يخص أعراضه ومخاطره، فتشير الدراسات الأولية إلى أن هذا المتحور الجديد قابل للانتقال ثلاثة أضعاف أكثر من المتحورات السابقة كما أنه بحسب الملاحظات السريرية التي تمت على عينة من المصابين في جنوب إفريقيا تبين أن أعراضه خفيفة وغير قاتلة، لكن بروفسورة الأوبئة ترى أنها تبقى نتائج تخمينية وغير نهائية خصوصا أن غالبية سكان جنوب إفريقيا من الشباب والنتائج تعني عينة بسيطة فقط".
وأمام ضبابية الموقف، اتخذت العديد من الدول قرارًا بتعليق السفر من وإلى جنوب إفريقيا أو إغلاق حدودها أمام جميع المسافرين الأجانب، ما يعني، وفقا لفافي كريمر "ربحا للوقت فقط قبل تسجيل ذروة الإصابات وليس منعا لانتشار المتحور الجديد".
وتختم كريمر حديثها موضحة أن "أكثر ما يخيف في فيروس كورونا هو هذه الطفرات التي تطرأ عليه مما قد يجعله أكثر مقاومة لمضادات الأجسام. فهو كلعبة اليانصيب، لا ندر كيف سيكون رد فعل كل جسم مع كل التهاب يسببه، إذ أن البعض قد يعاني من أعراض وأمراض خطيرة وغيرهم لا يعاني إلا من تعب خفيف".
لهذا تنصح بتقوية المناعة والحصول على الجرعة الثالثة من اللقاح، والتزام بالاحترازات و التقليل من التجمعات.