أعلنت مصر انطلاق الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ، يوم الاثنين، والذي يستمر على مدار يومين، يلتقي خلالهما وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن.
وشهد الحوار اضطرابًا في فترة من الفترات؛ إلا أنّه لم ينسف العلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة المستمرة لعدة عقود؛ حيث استؤنف هذا الحوار في 2015 بزيارة لوزير الخارجية الأميركي للقاهرة، جون كيري، بعد توقف دام لـ 6 سنوات منذ 2009.
تعاون عسكري وأمني
ويؤكد عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، رخا حسن، أنَّ العلاقات الثنائية ستكون ركيزة أساسية للحوار الاستراتيجي، باعتبارها أساس نقاط التشاور بين الخارجية الأميركية، ونظيرتها المصرية.
وأشار في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أنَّه سيتم مناقشة التعاون العسكري والأمني، أيضًا، نظرًا لوجود تعاون مشترك بين البلدين، خاصّة فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب، وتتبعه.
وتابع "ملف التعاون الاقتصادي والاستثمارات الأميركية"، مؤكدًا أنّها "ليست على مستوى ما هو متوقع منذ عهد الرئيس ترامب" على حد تعبيره.
وأوضح أن التعاون الاقتصادي بين مصر وأميركا "لم يتجاوز مجالي البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، بالنسبة لطلبات مصر من المنظمتين الماليتين الدوليتين".
وكشف أنّ زيادة التبادل التجاري بين البلدين ستتم مناقشتها أيضًا، خاصّة فيما يتعلق بالسياحة، علاوة على العلاقات الثقافية.
وعن العلاقات الثقافية يقول؛ إنَّ الحوار سيشهد مناقشة زيادة البعثات المصرية للولايات المتحدّة الأميركية، خاصّة فيما يتعلق بمستوى التطوُّر التكنولوجي، وتوطين أعداد من الصناعات التكنولوجية في مصر.
وسيتناقش الجانبان أيضًا حول مجال الطاقة، سواء الطاقة التقليدية "البترول والغاز"، أو الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، على حد قول مساعد وزير الخارجية الأسبق.
السودان وسد النهضة
وشدد على أنَّ مصر ستتناقش أيضًا مع الجانب الأميركي بشأن القضايا الإقليمية؛ وفي مقدّمتها الأزمة الليبية، في ظل اهتمام الجانبين بإجراء الانتخابات في ليبيا، وأمر توحيد القوات المسلحة الليبية، بالإضافة إلى المصالحة الوطنية الليبية.
ويتابع "بالإضافة إلى الأزمة الليبية، سيكون على مائدة الحوار أيضًا الأزمة السورية، والأزمة اللبنانية، وحل القضية الفلسطينية، والسؤال المطروح بشأن الأخيرة هو هل تريد الولايات المتحدة الأميركية إدارة الأزمة أم حل القضية؟".
ويستطرد بالقول "ستتم مناقشة الأزمة السودانية أيضا، والتي تشهد اتفاقًا ضمنيًّا بين الطرفين، بشأن مناشدة الطرفين (العسكري والمدني) للاتفاق والعودة للتفاوض، والاستمرار في المرحلة الانتقالية".
ويختم حديثه بـأن "سد النهضة سيشغل حيّزا من المباحثات خاصّة، فأنا أرى أن أميركا تلعب دور المتفرّج في تلك الأزمة، ولم تحاول الإقناع أو الضغط على إثيوبيا باتخاذ قرار سياسي للتوقيع على اتفاق قانوني مُلزم بشأن عدم تأثير السد على حصّة مصر من مياه نهر النيل".
دولة إقليمية فاعلة
ويوضّح خبير العلاقات الدولية، أيمن سمير، أنه مع السعي الأميركي للخروج من منطقة الشرق الأوسط والتحوُّل لسياسة الاستدامة شرقًا، من المهم جدًا لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة لكي تحافظ على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، أنْ تُبقي على علاقة قويّة ومزدهرة وفاعلة، مع دولة إقليمية مثل مصر".
ويشير في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربيّة" إلى أن مصر استطاعت الحفاظ على التوازن في العلاقة مع أميركا، والحفاظ على مساحات الاتفاق والاختلاف معها الجانب الأميركي.
ويفسر ذلك بقوله "حين أعلن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، نقّل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس عارضت الدولة المصرية هذا الأمر، إلا أنّها استطاعت أن تحافظ على علاقة قويّة ومستقرة مع الولايات المتحدة الأميركية"، فحتى في النقاط الخلافية؛ تتفق القاهرة وواشنطن على ضرورة إجراء الحوار فيما بينهما.
ملفات شائكة
وذهب "سمير إلى أنّ أول الملفات التي سيتم مناقشتها هو مجال فتح الأسواق الأميركية للبضائع المصرية، ويوجد ما يقرب من ملياري دولار من البضائع المصرية داخل السوق الأميركي، تصل للسوق الأميركية، بما فيها البضائع المنتجة في منطقة الكويز".
ويتابع "المجال الثاني، أن مصر هي ثاني متلقي للمساعدات العسكرية بعد إسرائيل منذ اتفاق كامب ديفيد، على الرغم من أنها انخفضت بشكل كبير؛ إلا أنّها تعبر عن الصداقة والشراكة الاستراتيجية المصرية الأميركية، خاصّة مع استئناف مناورات النجم الساطع والتي جرت في شهر سبتمبر الماضي".
أما في البعد الإقليمي؛ فيرى سمير أن مصر والولايات المتحدة لديهما هدف مشترك وهو قيام حل الدولتين، وهو ما كشفته اتصالات الرئيس الأميركي بالرئيس المصري، في شهر مايو حين شنت إسرائيل حربا على الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
أما فيما يتعلّق بسوريا؛ فيشير إلى أن "هناك توافقا أيضًا بشأن القرار 2254، وهو يمثل ركيزة للحل السياسي في سوريا، وهذا القرار كان من بنات أفكار السياسة الخارجية المصرية، ودعمّته بشكل كبير جدًا الولايات المتحدة".
ويختم بـ" هناك أيضًا توافق كبير فيما يتعلّق بالملف الليبي، وإخراج المرتزقة، واستكمال خارطة الطريق السياسي، بإجراء الانتخابات في 24 من ديسمبر المقبل".