كشفت مصادر مطلعة، أن الدول الإفريقية تستعد لإنفاق 6 مليارات دولار سنويا من عائدات الضرائب للتكيف مع آثار أزمة المناخ، موضحة أنها تطالب دول العالم الغنية بتقديم 5.2 مليار دولار سنويا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة لتمكين دول القارة من تحقيق أهدافها بهذا الشأن.
وأضافت المصادر أن رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية الذي يرأس الاتحاد الإفريقي، فليكس تشيسكيدى، سيدعو دول العالم الغنية، إضافة إلى الملياردير الأميركي، بيل غيتس، الذي تعهد سابقا بمساعدة القارة، للمضي قدما في تقديم الدعم لدول القارة، مشيرة إلى أنه يستهدف بالأساس كلا من الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، والذين من المتوقع أن يحضروا -إلى جانب غيتس- اجتماعا مع الاتحاد الأفريقي على هامش المشاركة في قمة (كوب 26) المنعقدة في مدينة غلاسكو الأسكتلندية.
المناخ والنزاعات
وتحذر دراسات من تعرض عدة دول أفريقيا لمخاطر كبيرة مع حلول 2050، بسبب تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر، كما تشير التقارير إلى أن التغير المناخي يُهدد التراث الثقافي الإنساني في دول إفريقية
ويقول محمد الدابولي، الباحث في مركز "فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية"، إن القارة الأفريقية حاضرة بقوة في الدراسات البيئية والجيوسياسية المتعلقة بالتغيرات المناخية، إذ تنبأت أغلب تلك الدراسات بجفاف شديد يضر منطقة الصحراء الكبرى وحوض بحيرة تشاد والقرن الأفريقي.
وأضاف الدابولي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن النزاعات العرقية الأخيرة في القارة الأفريقية تم إرجاعها إلى التغيرات المناخية، حيث أدت موجات الجفاف المتلاحق إلى تصاعد النزاع بين الرعاة والزراع حول موارد المياه، كما هو الحال في إقليم دارفور وأزمات جماعة الفولاني في شمال ووسط مالي شمال نيجيريا.
وتابع: "رغم الصورة السوداوية حول مستقبل القارة في ظل التغيرات المناخية يظهر سؤال حول إمكانية القارة الأفريقية في مواجهة التغيرات المناخية؟ والإجابة معقدة نوعا ما لأن عملية استشراق المستقبل أمر يرتبط بالعديد من الظواهر الأخرى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيشها الدول الأفريقية".
واليوم بلغ إجمالي تعداد سكان أفريقيا 1.2 مليار نسمة، الأمر الذي يمثل ضغطا على الموارد الطبيعية في القارة، خاصة المياه والمراعي الصالحة والأراضي القابلة للزراعة.. ففي عام 2009 تنبأ منتدى الخبراء الرفيع المستوى التابع لـمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" بانخفاض سلة الحاصلات الزراعية المعتمدة على مياه الأمطار بنسبة 50 % وهو ما سينجم عنه أزمة غذاء متفاقمة في أفريقيا.
الفقر المائي
وتقول الدكتورة أماني الطويل في دراسة بحثية إن أزمة المياه في أفريقيا سببها تغير المناخ بطبيعة الحال وزيادة مساحات التصحر، فهناك 13 دولة، 9 منها في أفريقيا دخلت مرحلة الفقر المائي ويعيشون على متوسط أقل من 10 لترات للفرد يومياً، وهو وضع محبط حقيقة، وطبقاً لبعض التقديرات فإن الفقر المائي لا سبيل للخلاص منه على المستوى المنظور بالنسبة إلى هؤلاء المواطنين الذين يعيشون في غامبيا وجيبوتي والصومال ومالي وموزمبيق وأوغندا وتنزانيا وأريتريا.
وأضافت أن نقص المياه يؤثر بطبيعة الحال على أهم الأنشطة الإنتاجية في أفريقيا، ألا وهي الزراعة، التي تكتسب أهمية مركزية بالقارة، لأنها تمثل نحو 35% من الناتج الإجمالي، وتشكل 40% من صادراتها، كما تستوعب 70% من فرص التوظيف وطبقا لخطة الاتحاد الأفريقي 2013 - 2063 فإن الزراعة يجب أن تكون القوة المحركة للنمو في المناطق الريفية.
وأضافت الطويل أنه بالنظر إلى مناطق شمال ووسط وغرب أفريقيا فهي الأكثر فقراً من حيث المخزون المائي، فدولة مثل ليبيا تعتمد على المياه الجوفيَّة بنسبة 95%، ومياه الوديان بأقل من 3%، ومياه التحليَّة 1.4%، وهي في المركز الـ15 عالمياً على لائحة الدول التي ستواجه أزمة مياه حادة خلال السنوات المقبلة، وذلك على الرغم من أنها أنفقت نحو ستة مليارات دولار لنقل المياه الجوفيَّة من مناطق الجنوب الليبي إلى مدن الساحل.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه من المتوقع أن تفقِد أفريقيا ثلثي أرضها الصالحة للزراعة بحلول عام 2025، ويؤدي جفاف الأرض حالياً إلى خسارة أكثر من 3% سنوياً من إجمالي الدخل القومي من الزراعة في دول جنوب الصحراء الأفريقية.
كل هذه المعطيات تشير إلى أن مشكلة المياه في أفريقيا هي قضية حياة أو موت لكل الأفارقة من الشمال إلى الجنوب، حيث تظل المياه هي شريان الحياة الذي يمد دول القارة بسبب وجودهم، ومع ارتفاع حرارة الأرض، وتقلب مواسم الأمطار، ومع ازدياد عدد سكان القارة، وزيادة عدد الماشية، سيتحول الجميع إلى البحيرات والأنهار لإرواء ظمئهم، وتظل منسوبات تلك الأنهار والبحيرات في انخفاض، وهو أمر يكثف الأعباء على الدول ومنظمات المجتمع المدني الأفريقية والعالمية العاملة في هذا المجال