ما يزال الملا يعقوب محمد عمر، نجل مؤسس حركة طالبان وزعيمها الأسبق، يخطف الأضواء في أفغانستان وخارجها، سواء في الغياب أو في الحضور.
وللمرة الثانية، ظهر الملا يعقوب محمد عمر، يوم السبت، خلال اجتماع بين وفدين من طالبان وتركمانستان، لبحث ملفات من أبرزها مشروع أنابيب الغاز من تركمانستان نحو أفغانستان وباكستان والهند، والذي يهدف لنقل 33 مليار متر مكعب من الغاز، عبر خط يبلغ نحو 1800 كيلومتر.
وخلال الاجتماع، شدد وزير دفاع طالبان، على أنه لن يدخر جهدا في حماية المشروع المعروف باسم "TAPI"؛ وهو اختصار للأحرف الأولى من أسماء الدول المستفيدة.
وقال يعقوب، لوزير خارجية تركمانستان، رشيد مرادوف "أنا مسؤول مباشرة عن أمن المشروع، ولن نتردد في التضحية في سبيل ذلك".
وهذا الظهور هو الثاني لـ "مولوي محمد يعقوب مجاهد"؛ الاسم الرسمي للشاب الثلاثيني الذي يحظى بمكانة مهمة في طالبان، وكان مسؤولها العسكري، إبّان استهدافها للجيش الأميركي والحكومة السابقة.
الوزيران المحتجبان
ظل "مولوي يعقوب" محتجبا عن الأنظار، وحين اختير وزيرا للدفاع، في سبتمبر لم يظهر للعلن أيضا. لكنه لم يكن وحيدا في "الاحتجاب"، فوزير الداخلية سراج الدين حقاني، يتبع أيضا سياسة الاختفاء عن الأنظار، ففي الاجتماعات والاستقبالات، لا يظهر وجهه في الإعلام.
وحقاني، مطلوب من الولايات المتحدة مقابل 5 ملايين دولار، بوصفه زعيم "شبكة حقاني" التي أسسها والده جلال الدين حقاني.
أما الملا يعقوب، فلعب دورا محوريا في مرحلة حرجة لطالبان، أعقبت وفاة والده "المؤسس" سنة 2013، حين قاد الجناح العسكري وأصبح نائب زعيم الحركة السابق الملا أختر منصور والحالي هبة الله آخوند زاده.
ولاقى "احتجاب" وزيري الدفاع والداخلية، انتقادات في بعض وسائل الإعلام، ومن معارضي طالبان.
الظهور الأول
قبل أيام أطل يعقوب للمرة الأولى، بعد نحو خمسين يوما على تعيينه وزيرا، وهو وزير شاب ذو كاريزما ومكانة في صفوف طالبان، ويطلقون عليه "نجل أمير المؤمنين" و"ابن عمر".
ومنذ تولي حقيبة الدفاع نشر الملا يعقوب تسجيلين صوتيين، أولهما في أواخر سبتمبر لتوبيخ بعض المقاتلين على "سلوكهم المشين" ولتحذير "المتسللين" إلى صفوف الحركة.
أما في التسجيل الثاني قبل أيام، فتحدث عن بناء "جيش نظامي قوي"، وعن الاستعداد للدفاع عن أفغانستان ضد أي اعتداء.
اختار وزير دفاع طالبان، أن يكون ظهوره الأول في فعالية بمستشفى "سردار محمد داود خان" العسكري في كابل.
وحين تحدث لم يتطرق لشأن عسكري، بل دعا رجال الأعمال والشركات، للاستثمار في الرعاية الصحية، ليتمكن الأفغان من تلقي العلاج ببلدهم بدل السفر للخارج من أجل العلاج.
واختيرت صورة إطلالة "نجل المؤسس" بعناية، فقد كان بجانبه جنرال في الجيش السابق بملابسه العسكرية الرسمية، بينما كان أغلب الحاضرين في القاعة من الكادر الطبي.
وعلق المدير في وزارة خارجية طالبان، خير الله شينواري، قائلا إن الصورة تظهر يعقوب "يجلس بجانب من يتشارك معهم بناء الأمة".
كما تفاعل عدد من قادة طالبان وأعضائها مع إطلالة يعقوب، معيدين نشر الصورة ومحتفين بها، كرئيس قطاع الإعلام الحديث في اللجنة الثقافية لطالبان، أحمدُالله متقي، والمتحدث باسم المكتب السياسي محمد نعيم.
أما محمد جلال عضو اللجنة الثقافية للحركة، فنشر أبيات شعر جاء في بعضها أن "وجه الفجر قد ظهر بعد انتظارٍ دام طويلا". وأضاف لقد "خرج النسر من عش النسر" مشيرا لوالده "المؤسس".
الوزير الشاب.. والسلاح الأميركي
لا يفتأ قادة طالبان يحتفون ببعض "الرموز الشابة" في الحكومة، وفي هذا السياق كتب القيادي البارز أنس حقاني "هذا وزير دفاعنا الشاب معالي مولوي محمد يعقوب مجاهد، حفظه الله".
فيما قال المتحدث المساعد باسم طالبان إنعام الله سمنغاني، إن الشباب "سيلعبون دورا بنّاءً في قيادة الدولة". مضيفا "ثلثا المجتمع شباب، ونرى الملا يعقوب والخليفة سراج الدين (وزير الداخلية) يمثلان حضورا قويا للشباب في النظام الإسلامي".
وما إن بدأ الملا يعقوب في الظهور، حتى نشر أحد مسؤولي طالبان صورة له لم يحدد تاريخها، وهو يطلق النار من بندقية M4 الأميركية، وهي صورة تختزل الواقع العسكري الذي آلت إليه أفغانستان.