رسالة قوية وجهها حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى تركيا برفضه قاطع لامتلاك أي دولة عضو منظومة الدفاع الروسية الصاروخية "إس 400".
وفي 2017، قررت تركيا شراء منظومة "إس 400" من روسيا بعد تعثر جهودها المطولة في شراء أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" من الولايات المتحدة.
وفي 2019، تسلمت أنقرة دفعات من هذه المنظومة، رغم مطالبات من واشنطن والدول الغربية بالتخلي عنها؛ كون أنظمة الرادار الخاصة بالمنظومة الروسية يمكنها تسجيل بيانات المقاتلات الأميركية ومن ثم حصول روسيا عليها.
وتسود حالة من القلق داخل الحلف بأن يدفع التعاون العسكري والسياسي مع موسكو أنقرة إلى الابتعاد عن شركائها الغربيين في الناتو ومن ثم تقسيم وإضعاف الحلف.
ونظام "إس-400"، هو نظام دفاع جوي متحرك يمكنه التصدي للطائرات والمقذوفات والأشياء الأخرى في الجو، ويمكن حمل وحداته، التي تتكون في العادة من عدة صواريخ ورادار ومركز قيادة بواسطة شاحنات، ويمكن النظام أن يعمل بصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى.
رسالة تحذيرية
وخلال مؤتمر صحفي في ختام اجتماعات وزراء دفاع حلف الناتو، قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ: "لا يمكن قبول أن تمتلك دولة عضو في الحلف منظومة الدفاع الروسية الصاروخية إس-400".
وأضاف: "يجب علينا القيام بإعلان مشترك جديد بين الحلف والاتحاد الأوروبي"، مضيفا: "يجب كذلك مراجعة السياسة النووية لكل الدول في الحلف".
ويشير ستولتنبرغ بحديثه إلى تركيا، التي تواجه دعوات من عدة قوى غربية، تدعوها إلى التخلي عن "إس-400"، بدعوى أنها لا تتوافق مع أنظمة الدفاع لدى حلف شمال الأطلسي.
عقوبات أميركية
وعقب استلام أنقرة دفعات من المنظومة، ردت واشنطن بإخراج سلاح الجو التركي من برنامج المقاتلة الضاربة المشتركة "إف-35" وأنهت مشاركة الشركات التركية في الإنتاج الصناعي لأجزاء الطائرة التي كانت تخطط أنقرة للحصول على 120 واحدة منها.
وبعد الاختبار التشغيلي الأول لمنظومة الصواريخ في أكتوبر 2020، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على مسؤولي صناعة الدفاع التركية ووكالة المشتريات الرئيسية.
غزو سوريا وتهديد قبرص
وأثرت زيادة الانتهاكات التركية شمال سوريا على العلاقات مع حلف الناتو، حيث علت الدعوات المنادية لإقصاء تركيا من الحلف.
وهدد مشرعون أميركيون بطرد تركيا من الناتو، إذ أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، استعداده لتقديم مشروع قانون حول ذلك.
وتحدثت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عن نفس الشيء في يوليو 2019 عندما تفاقم الوضع حول قبرص مرة أخرى.
الأزمة مع النظام وليس الدولة
أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركي، سعيد صادق، قال إن النظام التركي يثير قلاقل كثيرة مع حلف الأطلسي من جراء سياساته التي تخالف قواعد الحلف.
وأضاف صادق، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن أوروبا وأميركا ستواجهان صفقة "إس 400" بعقوبات اقتصادية مغلظة وعزل دولي هو ما يحدث فعلا حاليا حيث يتهاوى الاقتصاد التركي.
وأوضح أن إقصاء تركيا أمر مستبعد، لكن سيكون هناك دعم واسع للمعارضة للإطاحة بالنظام الحالي، فغالبية المشاكل مع النظام لكن تركيا دولة مهمة بالنسبة للحلف.
قانون الناتو لا يسمح
وأشار إلى أن اتفاقية الحلف لا تشمل إقصاء بلاد منه، لكن البلد العضو يمكن له تقديم طلب للانسحاب.
وأكد على أن تركيا لن تقدم على هذه الخطوة، حيث إن هناك اعتمادا دفاعيا متبادلا بين الطرفين، وأن تركيا "المعزولة" بسبب سياستها الخارجية لا يوجد أفضل لها من تحالف عسكري قوي فهو عامل أمان لن تستغني عنه أنقرة.
ومنذ تأسيس الحلف في عام 1949، يوجد مثال وحيد من هذا النوع، هو قيام رئيس فرنسا شارل ديغول في عام 1966، بتعليق طوعي لمشاركة فرنسا في الهياكل العسكرية للناتو.