بعد يومين من مقتل 5 أشخاص في مدينة كونغسبيرج النرويجية، جاءت حادثة طعن النائب البريطاني المحافظ ديفيد أميس لتعيد إلى الأذهان هجمات ما تعرف بالذئاب المنفردة التي استهدفت أوروبا منذ عام 2015.
وتوفي "أميس" متأثرا بجراحه، بعد أن تعرض للطعن "مرات عدة"، الجمعة، خلال حضوره تجمّعا في دائرته الانتخابية في جنوب شرق إنجلترا. وقالت الشرطة البريطانية في بيان إن طعن أميس حتى الموت "حادثة إرهابية"مشيرة إلى أن "العناصر الأولى للتحقيق كشفت عن دافع محتمل مرتبط بالتطرف..".
ومساء الأربعاء، قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون في هجوم مروع ودموي بالنرويج باستخدام القوس والسهم، حيث أطلق الجاني السهام على الناس في مبنى إداري ومتجر بقالة في كونغسبيرج.
وقالت الشرطة النرويجية إن الجاني اعتنق الإسلام واتسم بالتطرف في الآونة الأخيرة وكان في بؤرة اهتمام السلطات لفترة طويلة بسبب ميوله المتطرفة.
تصاعد ملحوظ
ومنذ ما يقرب من 6 أعوام، تشهد القارة العجوز ارتفاعا ملحوظا في حوادث الطعن، بعضها إرهابية دامية، راح ضحيتها الكثيرون فيما أصيب آخرين في حوادث وصفت بـ"الفردية".
ووفق دراسة لـ"المرصد الأوربي لمحاربة التطرف" فإن هذه الهجمات السبب فيها "الروابط الأمنية الضعيفة" بين دول أوروبا، حيث تختلف القدرات الاستخباراتية على نطاق واسع بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.
وأوضح أن أوروبا تقع بالقرب من القواعد الإرهابية ما جعلها أكثر قابلية للاختراق، سواء داخليا من خلال عدم وجود عمليات تفتيش على الحدود عبر 26 دولة أو عبر طرق المهاجرين التي يستخدمها عشرات الآلاف من الأشخاص كل عام.
العائدون ونشر التطرف
واعتبرت الدراسة أن ملف "العائدين من مناطق الصراع" يمثل تحدياً للأمن القومي الأوروبي، على وجه الدقة، خصوصا النساء، حيث من الممكن أن يمثلن شبكة لنشر التطرف من جديد في المناطق التي يلجأن إليها.
ورغم استخدام أوروبا بعض برامج مواجهة "العائدين"، منها منع الاختلاط بالعناصر المتطرفة في السجون، ومشاركة المُفرج عنهم في المناقشات الحوارية إلا أن المرصد اعتبر أن "نتيجتها ضعيفة للغاية".
تشريعات التطرف والإرهاب
كما تطرقت إلى ضعف "التشريعات" في مواجهة التطرف والإرهاب بأوروبا وهو ما بدأت بعض الدول فعليا في تغليظ العقوبات.
وفي مؤشر على الإدراك المتزايد بين صناع القرار في الدول الأوروبية، للخطر الذي تشكله التنظيمات المتطرفة على الأمن في القارة، والدور التخريبي الذي تلعبه على صعيد نشر التطرف في مجتمعاتها، قررت السلطات في النمسا وألمانيا، اتخاذ تدابير جديدة من شأنها كبح جماح الإرهاب.
وفي يوليو الماضي، وسعت النمسا قانون حظر رموز التنظيمات المتطرفة ليشمل تنظيمات يمينية متطرفة.
التشريع الجديد "يتيح تغليظ العقوبات على البيئات الحاضنة للمتطرفين ويسهل عملية مراقبتهم، وكذلك مراقبة خطاب الكراهية والتشدد الديني واستغلال شبكة الإنترنت في هذه الأغراض".
كما تتجه فرنسا نحو تشديد قانون مكافحة الإرهاب من خلال مشروع قانون جديد وضعته وزارتا الداخلية والعدل. وبموجب القانون، ستكون وكالات الاستخبارات أكثر قدرة على استخدام الخوارزميات لمراقبة الإرهابيين المشتبه بهم عبر الإنترنت وتوسيع نطاق مراقبة الأشخاص الذين كانوا في السجن بسبب جرائم الإرهاب.
خلايا نائمة
الكاتب والباحث المصري المتخصص في حركات الإسلام السياسي، مصطفى زهران، قال إن أوروبا والولايات المتحدة ستظلان على رأس الأهداف الإرهابية سواء عند تنظيم القاعدة أو داعش وخاصة لدورهم في التحالف الدولي وهدم ما يسمى بـ"دولة الخلافة".
وأضاف زهران، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه عندما تمت الإطاحة بداعش في سوريا والعراق عاد كثيرون إلى بلدانهم سواء عبر مراجعات صورية أو بالهجرة غير الشرعية وباتوا كامنين بانتظار فرصة.
وأوضح أن هؤلاء العائدين يظلوا في حالة كمون ولا يمكن تسميتهم بالذئاب المنفردة ولكن هم خلايا نائمة.
وأوضح أنهم يعملون على مستويين الأول تجنيد الأفراد والثاني تحديد الأهداف.
وأشار إلى أنه في هذه السنوات لا نزال نعيش مرحلة هادئة بفعل كورونا وما أسهمت به من محاصرة هذه التيارات عبر الحيلولة دون السفر والتنقل.
قبل أن يستدرك: "لكن ما حدث في أفغانستان وصعود طالبان سيسهم في زيادة العداء مع الغريم التقليدي داعش وهو ما قد ينعكس على أوروبا وغيرها من الدول التي قد تعترف بالحركة".
مساران للمواجهة
ونوه إلى أن أوروبا في مواجهة التنظيمات الإرهابية عليها أن تسلك مسارين اثنين أولهما تعزيز علاقاتها بالمؤسسات الدينية الرسمية في المنطقة العربية والإسلامية.
وأكد على أن الأمر الثاني يتمثل في المعالجات الفكرية كون المواجهة الأمنية فحسب لا تجدي نفعا في مواجهة الفكر المتطرف.