مع اقتراب فصل الشتاء، تزداد المخاوف ومعها التحذيرات الدولية من احتمال غرق أفغانستان في أزمتي نقص في الوقود والغذاء، خاصة أن البلاد تعتمد تماماُ على دول الجوار للحصول على مستلزماتها من كُل المواد النفطية.
ويحصل قرابة نصف السكان في أفغانستان على حاجاتهم الغذائية عبر شبكات المساعدات الدولية.
مرادي خوانبدور ريفي أفغاني من قرية باشمازار الجبلية، التابعة لبلدة ميرسال شمال العاصمة الأفغانية كابل، واحد من الذين يخشون مواجهة شتاء قارس عنوان أزمات في الغذاء والوقود.
أشهر شديدة القسوة
ويقول المواطن الأفغاني لموقع "سكاي نيوز عربية": "على الأقل ثمة ثلاثة أشهر تنخفض فيها درجة الحرارة في منطقتنا إلى ما دون الصفر في أغلب أيامها، وفي حال استمرار عدم توفر الوقود، مثلما هي الأوضاع حاليا، فإن أغلب سكان القرية سيتعرضون لأزمة معيشية شديدة، وربما يواجهون أمراضاً وأوبئة صحية شديدة الخطورة، كما يحذر الأطباء".
يتابع خوانبور: "في أزمة سابقة، كانت البيوت مبنية من الحجارة والطوب، ويملك القرويون مخزوناً من الأخشاب للتدفئة، فيما كانت الأغذية متوفرة من المنتجات الحيوانية والزراعية التي يصنعها وينتجها سكان القرية".
ويضيف: "يعتمد قرابة ألف فرد من سكان القرية حاليا بشكل شبه كامل على ما يأتيهم من المدن والبلدات المجاورة، من حليب الأطفال إلى الوقود والألبسة. وفي حال عدم توفرها، فإن الحياة ستشل".
وتفاقمت أزمة الوقود في أفغانستان في الأسابيع الأخيرة، منذ أن سيطرة حركة طالبان على البلاد، بسبب توقف استيراد المشتقات النفطية من الخارج، بعدما تم تجميد أموال البنك المركزي الأفغاني في الخارج، وتوقف المساعدات الخارجية.
وتُقدر حاجة أفغانستان من الوقود السائل بقرابة 60 ألف برميل من الوقود السائل يوميا، غير حاجاتها من الغاز المنزلي ووقود الطائرات والطاقة الكهربائية.
وكانت الحكومة الأفغانية تستورد أكثر من ثلاثة أرباع هذه الكمية من أوزبكستان، وقد بنت سكة حديد بطول قرابة 70 كيلومتراً لنقل تلك الكمية، فيما كانت تستورد البقية من إيران عبر الطرق البرية.
ولم تشهد أفغانستان أية أزمة في مجال الوقود طوال السنوات الماضية، حيث كانت الحكومة الأفغانية قد بنت عددا من المصافي المحلية، لاستيراد النفط الخام وتكريره ضمن البلاد، لكنها تفوقت جميعاً بسبب الأزمة المالية والإدارية التي دخلتها البلاد.
تحذيرات دولية
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حذرت من أوضاع إنسانية صعبة للغاية لنحو 20 مليون مواطن أفغاني، يعتمدون في على المساعدات الدولية للحصول على حاجاتهم الغذائية.
وأضافت أنها حصلت طوال الشهور الماضية فقط على 606 مليون دولار للتعامل مع الأزمة الإنسانية التي في أفغانستان، والتي أساسها فقدان الغذاء، موضحة أن هذا المبلغ لا يُغطي إلا ثُلث حاجتها لتلبية حاجات أفغانستان، وإن عدم تغطية المبلغ الباقي قد يدفع ملايين الأفغان لأن يُصبحوا لاجئين.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حذر المجتمع الدولي قُبيل انعقاد قمة العشرين من إن الاقتصاد الأفغاني قد يصل إلى"نقطة الانهيار"، وأن حصول ذلك سيدفع الأمور للحظة استحالة الضبط من جديد.
ويشكو مسؤولو المساعدات في الأمم المُتحدة من قلة المنافذ والأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية لأفغانستان، حيث لا يحصل إلا 5 بالمئة من نصف الشعب الأفغاني على حاجاتهم الغذائية.
توظيف سياسي
الباحث والكاتب همبر سليم شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية "النقطة الحاسمة التي سيصل إليه الملف الأفغاني في فصل الشتاء القادمة.
وقال: "تُدرك القوى الحاكمة لأفغانستان أن الملف الإنساني هو الحد الذي لا يُمكن للقوى الدولية إلا ان تتعامل معه، سواء لمخاوفها من تحول الأفغان إلى لاجئين، أو لحسابات القوى الدولية في ملف الإرهاب وإمكانية تحول أفغانستان إلى بؤرة لتصدير التطرف".
وتابع: "لأجل ذلك فإنها لا تبالي بإيجاد استجابة سريعة للسكان، متوقعة أن يكون هذا الملف مدخلاً لنيل الاعتراف الدولي بها. ولم يكن تبرع دول قمة العشرين الأخيرة بمبلغ عشرين مليار دولار إلا واحداً من هذه الآليات المتوقعة".