توجّه الناخبون الألمان، صباح الأحد، إلى مراكز الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تتقارب فيها موازين القوى، كما تبزغ تحديات جسام أمام حزب ميركل، "الاتحاد المسيحي الديمقراطي"، الذي بات مهددًا بانتزاع الصدارة منه، بعد تقدم الحزب الاشتراكي الاجتماعي في استطلاعات الرأي الأخيرة.
ويشارك في الانتخابات الألمانية 47 حزبًا، ويحقّ لنحو 60 مليون و400 ألف مواطن، الإدلاء بأصواتهم، فيما توقعت الإدارة الاتحادية للانتخابات مشاركة نحو 40 بالمئة من الناخبين عن طريق التصويت البريدي، وقد وصلت نسبة التصويت بالبريد إلى 28.6 بالمئة في الانتخابات الأخيرة.
أيمن سمير، المتخصص في العلاقات الدولية، يرسم خارطة لفرص المرشحين وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي؛ إذ يقول إن من المتوقع حصول الحزب الديمقراطي الاشتراكي بقيادة أولاف شولتس، 63 عامًا، على المرتبة الأولى، بينما يأتي "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" بزعامة أرمين لاشيت (60 عاما)، في المرتبة الثانية.
ويضيف سمير لموقع "سكاي نيوز عربية" أن من المتوقع أن يحل حزب الخضر ثالثًا بقيادة أنالينا بيربوك، ثم يجيء حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يحصل دائمًا على نسبة أصوات أعلى من استطلاعات الرأي، لأن الناخبين لا يفصحون عن نوايا التصويت له في استطلاعات الرأي، ثم يتبعه في التوقعات حزب "دي لينكه".
ويفسر المتخصص في العلاقات الدولية سبب بزوغ نجم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشكل مفاجئ، في الآونة الأخيرة، بقوله: "هناك أكثر من سبب لصعود الاشتراكي الديمقراطي، أهمها دفاعه عن حقوق العمال الذين تضرروا على مستوى الخدمات في ولاية ميركل الأخيرة".
ويَعِد "الاشتراكي" الناخبين من العمال بفرض ضرائب على الشركات، وأن العائد من هذه الضرائب سوف يتم توزيعها بشكل مباشر أو في صورة خدمات تقدم للمواطنين.
تحديات ما بعد ميركل
يُمثل غياب شخصية أنغيلا ميركل عن الساحة السياسية على المستوى الوطني والحزبي تحديًا كبيرًا، إذ يعتبر أيمن سمير أن ميركل كانت شخصية توافقية تستطيع هندسة ائتلافات سياسية ناجحة بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وحزب الاشتراكي الاجتماعي، باعتبارهما أكبر حزبين في ألمانيا.
ويستطرد: "ما تتخوف منه ميركل شخصيًا؛ عقد ائتلاف بين "الاشتراكي الاجتماعي" و"الخضر" و"دي لينكه"، مما سيؤثر على الاقتصاد الألماني، بسبب سياسات ضريبية قاسية سوف تفرض على الشركات، قد تصيب الاقتصاد الألماني بحالة من التباطؤ تؤثر على الاقتصاد الأوروبي بالتبعية".
كما يعتبر سمير أن أحد أكبر التحديات التي قد تواجه ألمانيا خلال الفترة المقبلة هي: شخصية أرمين لاشيت، الذي لا يتمتع بكاريزما على المستوى الوطني، مذكرًا بموقفه الضاحك أمام الكاميرات عند تفقد حوادث الفيضانات، لافتًا إلى لاشيت يُضعف حزب الاتحاد المسيحي.
ويقول المتخصص في العلاقات الدولية، إن فشل حزب الاتحاد المسيحي في الحصول على قيادة جديدة بعد ميركل، لن يؤثر فقط على الانتخابات أو اختيار المستشار الجديد، وإنما سوف يلقي بظلاله على الاقتصاد الألماني، وعلى الاتحاد الأوروبي.
ويتابع: "ربما تتحول فترة الـ 16 عام من الرخاء في عهد ميركل إلى حلم، إذا ما تم اختيار الأحزاب اليسارية، لكن في النهاية يعقد حزب ميركل آمال كبيرة على نسبة الناخبين الذين لم يحسموا آرائهم، وزادت نسبتهم عن 26 بالمئة في آخر استطلاع رأي".
وفي ختام حديثه لموقع سكاي نيوز عربية يقول أيمن سمير إن تشكيل حكومة ائتلافية في ظل غياب شخصية ميركل يعد أمرًا معقدًا، وأشبه بـ "ماراثون طويل" انطلق بالتصويت في الانتخابات، وربما يستمر إلى 6 أشهر، حتى يتم التوافق بين الأحزاب.
ملفات خارجية
وعن أبرز الملفات التي ستكون على طاولة ائتلاف الحكم القادم في ألمانيا، يقول رئيس وحدة الدراسات الأوروبية بالمركز المصري للدراسات الاستراتيجية، توفيق أكليمندوس، إن أبرز الملفات العاجلة التي ستكون على رأس الأولويات، هي بلا شك قضية البيئة والمناخ، على خلفية الفيضانات التي ضربت ألمانيا هذا الصيف، بخلاف عدد من الحرائق أيضًا.
ويضيف أكليمندوس لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك قضايا أخرى سوف تقول فرنسا بممارسة ضغوط فيها مع توليها رئاسة المجلس الأوروبي، من بينها إنشاء جيش أوروبي، إلى جانب تسوية قضية الديون الناجمة عن أزمة كورونا، فهناك آمال لدى دول مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا في أن تتحمل ألمانيا الجزء الأكبر من هذه الديون.
وأردف "أيضًا العلاقة مع الصين تشكل أحد أكثر الملفات تعقيدًا بالنسبة لألمانيا، في ظل صراع القوى بين أميركا والصين".
وفي الأخير يلفت إلى أهمية شخصية المستشار في إدارة كل الملفات الخارجية، إلى جانب إدارة الشأن الداخلي في ظل نظام حكم فيدرالي معقد.