في محاولة للتغلب على الأزمة الأخيرة بين واشنطن وباريس والمتعلقة بصفقة "الغواصات النووية مع أستراليا، كشف "البنتاغون" عن تعاون بين الولايات المتحدة وفرنسا لدعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، إن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم للعمليات الفرنسية لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، مثنيا على الدور الذي تلعبه باريس في هذه المنطقة، مضيفا أنه تم في السابق دعم جزء من العمليات في تلك البقعة، ويجري البحث عن طرق لجعل هذا الدعم أكثر فعالية.
وأوضح كيربي أن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، كان قد بحث هذا الأمر خلال اتصاله بنظيرته الفرنسية فلورانس بارلي، مشددا على أن فرنسا هي أقدم حليف للولايات المتحدة، وأن البلدين يتشاركان الكثير من المصالح الأمنية حول العالم، وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ على وجه التحديد، مؤكدا التزام واشنطن وباريس تجاه مصالحهما الأمنية.
تعاون لوجيستي
من جانبه، قال المحلل السياسي من مالي عبدالله ميغا في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن فرنسا تصدرت زمام المبادرة في العمليات القتالية ضد العناصر الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي.
والأسبوع الماضي أعلنت القوات الفرنسية أنها قتلت زعيم تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى عدنان أبو وليد الصحراوي، كما تأخذ باريس على عاتقها تحمل العبء الأكبر في عملية "برخان" العسكرية في منطقة الساحل.
وأوضح ميغا أن هناك تعاونا لوجيستيا بين الولايات المتحدة وفرنسا، في الحرب على الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي، لافتا إلى أن هذا الدعم يتمثل في تقديم معلومات استخباراتية عن العناصر الإرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش والمتمركزة في هذه المنطقة، لاسيما في ظل التنسيق الأمني بين دول الساحل وضعف مراقبة الحدود، مشيرا إلى أن التعاون بين واشنطن وباريس في الساحل قد ينتقل إلى المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية.
تعويض عن الغواصات
ويأتي التأكيد الأميركي بشأن دعم الولايات المتحدة للعمليات الفرنسية في الساحل الإفريقي، بالتزامن مع توترات شهدتها العلاقات ما بين واشنطن وباريس، بشأن صفقة غواصات نووية مع أستراليا، تسببت بإلغاء صفقة أخرى كانت قد أبرمتها الأخيرة مع فرنسا.
إعلان المتحدث باسم البنتاجون عن التعاون بين البلدين جاء في أعقاب اتصال هاتفي جمع الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكدا خلاله على التوافق لإجراء "مشاورات مفتوحة" بين الحلفاء.
ومن شأن هذه المشاورات تفادي "أزمة الغواصات"، كما قرر الطرفان اللذان سيلتقيان في أوروبا، نهاية شهر أكتوبر المقبل، إطلاق عملية تشاور معمق تهدف إلى تأمين الظروف التي تضمن الثقة واقتراح تدابير ملموسة لتحقيق الأهداف المشتركة.
وكانت أزمة قد نشبت بين باريس وواشنطن في 15 سبتمبر الجاري، عقب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن ميلاد تحالف دفاعي جديد يجمع بين والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، يعمل على توسعة نطاق تقنية الغواصات الأميركية العاملة بالدفع النووي لتشمل أستراليا، بالإضافة الى تقنيات الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والقدرات البحرية تحت الماء.
وكانت من أولى ثمار هذا التحالف الإطاحة بصفقة ضخمة أبرمتها كانبيرا مع باريس لشراء غواصات فرنسية الصنع واستبدالها بأخرى أميركية تعمل بالدفع النووي، ورداً على الاتفاق استدعت فرنسا سفيريها لدى الولايات المتحدة وأستراليا للتشاور، في قرار غير مسبوق تجاه حليفين تاريخيين.