تشهد إيران حالة غضب بين العائلات المسيطرة على المناصب الكبرى، أحدث مظاهرها استقالة صادق لاريجاني من عضوية مجلس صيانة الدستور، بعد رفض ترشح أخيه لانتخابات الرئاسة، ومحاولات إبعاد عائلته عن التطلع لمنصب المرشد الأعلى للبلاد.
والسبت تأكدت استقالة لاريجاني بتعيين المرشد الأعلى للنظام، علي خامنئي، أحمد حسيني خراساني خلفا له.
لكن خبراء في الشأن الإيراني اعتبروا أن إقالة جاءت في صورة استقالة، وتأتي في سياق تقليص نفوذ العائلة المتشعبة في مؤسسات الدولة، خاصة مع التمهيد لإعداد خليفة خامنئي، والمتوقع أن يتمحور حول ابنه مجتبي خامنئي.
ومجلس صيانة الدستور، الذي استقال منه لاريجاني، أهم مؤسسة في أجهزة الحكم، ويتكون من 12 عضوا، نصفهم من الفقهاء يعينهم المرشد، والنصف الثاني من السلطة القضائية يرشحهم رئيس القضاء إلى البرلمان، ومن مهامه بحث صلاحية المرشحين للرئاسة والبرلمان ومجلس خبراء القيادة.
عائلة صاحبة نفوذ
وقبل الانتخابات الرئاسية يونيو الماضي، رفض المجلس ترشيح علي لاريجاني، شقيق صادق، لمنصب الرئيس.
وعائلة لاريجاني من العائلات صاحبة النفوذ في الحكم، وأشهر أفرادها 5: صادق لاريجاني رئيس مجلس خبراء القيادة، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان السابق، ومحمد جواد لاريجاني رئيس هيئة حقوق الإنسان السابق، وباقر لاريجاني أستاذ جامعي، وفاضل لاريجاني دبلوماسي.
صراع الولاءات
ويعلق الصحفي والمحلل الإيراني، محمد رحماني فر، على هذا التطور بقوله: "جميع المسؤولين لديهم تاريخ انتهاء صلاحية، باستثناء المرشد الأعلى، خاصة إن لم يتساوق مع المرشد، وحينها فإن خصومه يستطيعون إقناع القائد (خامنئي) بأنه نأى بنفسه عنه، فيكون مصيره الإبعاد".
وضرب رحماني فر لموقع "سكاي نيوز عربية" مثالا بعائلة لاريجاني، قائلا إنها شغلت مناصب رئيسية لعقود، وأظهر أحد خصومها، وهو الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، فيديو في جلسة للبرلمان 2013 حين كان يرأسه علي لاريجاني، يتضمن اتهامات لتورط العائلة في قضية فساد.
ولكن وقتها كان خامنئي بحاجة للإخوة لاريجاني، فأبقى عليهم جميعا في السلطة، وفق المحلل الإيراني.
السباق لمنصب المرشد
واعتبر رحمن فر أن "إبعاد صادق من مجلس صيانة الدستور ورئاسة السلطة القضائية، ومن قبله إبعاد أخيه علي من رئاسة البرلمان والترشح للانتخابات الرئاسية، وإبعاد جواد لاريجاني من رئاسة هيئة حقوق الإنسان يأتي في إطار الاستعداد لخلافة خامنئي المرجح أن تنحصر في مجتبي خامنئي".
كما رجّح أن يلقى الرئيس إبراهيم رئيسي نفس مصير لاريجاني، حتى لا يكون منافسا لمجتبي على منصب المرشد.
وفي تقدير الخبير في الشؤون الإيرانية، محمود جابر، فإن عمر المرشد خامنئي (82 عاما) يقول إن السلطة إن لم تنتقل منه إلى مرشد جديد خلال هذا العام ستنتقل العام التالي؛ ولذا يجري السباق حول منصبه، وهو ما كات عائلة لاريجاني تفعله بترشيح علي للرئاسة، حتى يتمكن صادق من استكمال الطريق نحو منصب المرشد.
وخامنئي كان رئيسا لإيران قبل توليه منصب المرشد عقب وفاة المرشد الأول الخميني 1989، ويأتي منصب رئيس البلاد في درجة أقل من المرشد في سلم السلطة الذي خلقته الثورة الإيرانية 1979.
وبحسب جابر، فإن مجتبي خامنئي أقنع إبراهيم رئيسي أن يتنازل بسقف طموحه ويقبل أن يكون رئيسا فقط، أو يلقى مصير من رفضوا تخفيض سقف أحلامهم، مثل لاريجاني ورفسنجاني.