تواردت أنباء متضاربة خلال الساعات الماضية بشأن سيطرة حركة طالبان على ولاية بانشير، الوحيدة المتبقية تحت حكم أحمد شاه مسعود، وذلك بعد قتال عنيف ووصول المفاوضات التي راعاها شيوخ القبائل في الإقليم إلى نفق مسدود.
وبينما احتفلت حركة طالبان في ساعة متأخرة من ليل الجمعة، مطلقة النار بكثافة في قلب العاصمة كابل، وقالت إنها سيطرت أخيرا على الولاية الصامدة، فإن جبهة المقاومة سارعت إلى نفي الخبر، وقال المتحدث باسمها، مسيم نظاري، إن المعارك لاتزال مستمرة، ولم تسيطر طالبان على الإقليم.
من جانبه، نشر زعيم المقاومة الأفغانية في الإقليم، أحمد مسعود، مقطع فيديو على حسابه على تويتر، يظهر الاشتباكات المستمرة، مؤكدا أن المقاتلين "يواصلون معركتهم ضد طالبان"، مؤكدا أنه "لن يتخلى عن القتال ولم يغادر البلاد".
ويقول رئيس المركز الأفغاني للإعلام والدراسات، عبد الجبار بهير، إن حركة طالبان بدأت منذ أيام في استخدام القوة والتحرك بجدية نحو السيطرة على ولاية بانشير، شمالي البلاد، التي كانت شكلت المعارضة التاريخية لطالبان منذ التسعينيات، ولم تخضع لحكمها.
وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال بهير: "تحالف الشمال تصدى بقوة لحركة طالبان منذ عقود، ويمثل المعارضة الوحيدة في وجهها على مدار التاريخ، لكن الوضع اليوم أصبح مختلفا، لأن بانشير لا تملك الكثير من الخيارات من أجل الصمود، وعليها التفاوض والتوافق مع الحركة".
وأوضح بهير أن "المقاومة وضعت عدة شروط للتفاوض مع طالبان، أهمها الحصول على 30 بالمئة من الحكومة المرتقبة، وأيضا، الإبقاء على جميع الأسلحة والذخائر الخاصة بالإقليم دون تسليمها لطالبان، وهو ما رفضته الحركة، وبالتالي فشلت المفاوضات بين الجانبين".
وأشار الباحث الأفغاني إلى أن طالبان "تسعى لتشكيل حكومة مركزية، وليست حكومة تراعي ظروف كل ولاية على حدة، وتتولى بمسؤوليتها التفاهم حول الأسلحة والمشاركة الوطنية، وجميع القضايا المهمة التي تخص مستقبل الشعب الأفغاني".
وأضاف: "القتال لايزال مستعرا بين مقاتلي طالبان والمقاومة بقيادة مسعود، وهناك حالة من نشر الأخبار المتضاربة عن الطرفين، ولكن وفق شهود عيان، فقد دخلت حركة طالبان إلى عدة مديريات في بانشير، وترى سقوط الولاية أمر حتمي".
من جانبه، قال المحلل السياسي الأفغاني، خالد شاه، إن الطبيعة الجغرافية لإقليم بانشير، والتضاريس الصعبة، تلعب دورا كبيرا في صموده وقدرته على مقاومة هجمات طالبان المتتابعة ضده. هذه التضاريس ساعدته في تحصين نفسه ضد السوفيت الذين حاولوا مرارا السيطرة عليه وفشلوا".
وتابع شاه في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول إن طالبان حاولت مرارا، وكثفت من هجماتها خلال الليالي الماضية لاقتحام الوادي، لكن لم يحدث ذلك حتى الآن، وفق ما أعلنته قوات المقاومة في بانشير.
ورأى أن هناك "احتمالات للتوافق في المستقبل، لكن لا يمكن التنبؤ بها"، لافتا إلى أن عددا كبيرا من قوات الجيش الأفغاني فروا إلى بانشير واستقروا في الوادي أثناء تقدم طالبان للسيطرة على المدن الأفغانية، ويشاركون اليوم في الحرب الدائرة بين طالبان والمقاومة.
وقال: "لاتزال المعارك مستعرة بين طالبان والمقاومة على حدود الإقليم، ويتزامن الهجوم مع إعلان مسعود شرطا لإلقاء سلاحه، وهو تقاسم طالبان السلطة مع الجميع"، وفق تصريحاته لمجلة "فورين بوليسي".
وفي وقت سابق، دعا مسعود الولايات المتحدة والأفغان في الخارج إلى دعم "لجان المقاومة" ضد طالبان، التي انضم إليها نائب الرئيس السابق أمر الله صالح.
وارتفعت أيضا أصوات عسكرية وسياسية أفغانية تدعو للتوجه نحو الولاية، وتكرار ما يوصف بـ"ملحمة بانشير" في مواجهة الاحتلال السوفيتي.