تحشد أوروبا قوَّاها لتدفع عن نفسها خطر موجة متوقعة من اللاجئين الأفغان، تخشى أن تحمل بداخلها إرهابيين متخفين، وتحسبا من ذلك، وصل الأمر ببعض المسؤولين الأوروبيين التأكيد أن بلادهم لن تفتح أبوابها أمام الأفغان.
وتجد أوروبا نفسها في هذه الأيام أمام تهديدات إرهابية غير مسبوقة، وفي وقت واحد، سواء من المتسللين في موجة اللاجئين، أو تجنيد الإرهابيين لشباب موجودين على أراضيها لاستغلالهم كـ"ذئاب منفردة"، أو في نشر الإرهاب بها عبر الإنترنت.
وألقت تلك المخاوف بظلالها على الاجتماع الأخير لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، إذ طالبت بعض الدول بمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا تجنبا لسيناريو عام 2015 الذي شهد تدفق اللاجئين السوريين، مع دعم دول الجوار لأفغانستان لاستضافة الفارين.
وشدد رئيس وكالة مراقبة الحدود الأوروبية فرونتكس، فابريس ليغيري، على أن تحمي أوروبا نفسها من استقبال أشخاص على صلة بحركات إرهابية.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء السلوفيني، يانيز يانشا، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، أن أوروبا لن تفتح أبوابها أمام الفارين من أفغانستان لأنه "ليس من واجب الاتحاد الأوروبي أو سلوفينيا مساعدة أو الدفع لكل شخص على هذا الكوكب يفر في وقت بإمكانه القتال من أجل وطنه".
أما تصريحات بعض المسؤولين الأوروبيين المرحبة بالأفغان، فتخص من تعاونوا مع جيوش هذه البلدان في أفغانستان وبعض من يوصفوا بالنشطاء الحقوقيين فقط.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون في بيان، الأربعاء: "ندين بالكثير للذين عملوا مع القوات المسلحة في أفغانستان وأنا مصمم على منحهم مع عائلاتهم الدعم الذي يحتاجونه لإعادة بناء حياتهم هنا في المملكة المتحدة".
مظاهر التهديد
وينقل حسن خضر، نائب رئيس المجلس الاتحادي للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا، صورة لحالة الحذر الأوروبية المتزايدة هذه الأيام بشأن الإرهاب العابر للقارات، سواء المختبئ في اسم لاجئين، أو باستقطاب المراهقين عبر تطبيقي "تليغرام" و"كلوب هاوس".
ويرجع خضر في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أحد أسباب نجاح التنظيمات الإرهابية في الاستقطاب إلى فشل مهاجرين في الاندماج في أوروبا، ولجوئهم للعزلة في مجتمع مواز.
ورغم انحسار المساحة الجغرافية التي سيطر عليها تنظيم داعش في سوريا والعراق منذ 2019، إلا أن مخاطره قائمة في شكل " الذئاب المنفردة" و" الخلايا النائمة" التي تستغل الإنترنت لإرسال تهديدات لدول أوروبية، ورصدت إيطاليا في يوليو محتوى مرئي يهددها بأعمال إرهابية.
وبحسب خضر، فإن الشرطة الألمانية تلقت منذ يوليو 330 تسجيلا لحالة خطرة في مجال "الفكر المتطرف"، من بينهم 186 ألمانيا أو يحملون جنسية ثانية، و114 تهديدا محتملا من أجانب بينهم 61 سوريا و17 عراقيا و13 روسيا و11 تركيا، إضافة إلى 8 أشخاص غير محددين الجنسية.
وسائل التصدي
وفي الأشهر الأخيرة، ضبطت إيطاليا خلية تحول أموالا للتنظيمات الإرهابية في روسيا وألمانيا وتركيا وصربيا، وفككت فرنسا شبكة تحويلات مالية تدعم جماعات في سوريا، إضافة إلى رصد الدنمارك خلية تنتمي لداعش.
كذلك رصدت استخبارات فرنسا والنمسا وبلجيكا وألمانيا تحركات لعناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، ما دفعهم للتوصية بمراقبة المؤسسات الدينية والخيرية.
وعن طرق مكافحة التطرف في أوروبا، يجد حسن خضر في برامج التوعية في المدارس بقيم التسامح وتقبل الآخر وسيلة لذلك، بجانب تشديد الرقابة على المحتوى المنشور على الإنترنت.