في الجلسة الطارئة للأمم المتحدة بشأن أفغانستان، والمزمع إجراؤها، يوم الاثنين، ثمة دعوات أممية لتدشين منطقة آمنة تحت سلطة الأمم المتحدة، بهدف استمرار العمليات الإنسانية، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "فرنسا وبريطانيا ستقدمان مشروع قانون في جلسة طارئة للأمم المتحدة بشأن أفغانستان (الاثنين)، يقترح إقامة منطقة آمنة في كابول للأشخاص الراغبين في مغادرة البلاد".
ووفقا للمراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، كمال الزغول، فإن اقتراح عمل منطقة آمنة من قبل فرنسا وبريطانيا في أفغانستان بعد مغادرة القوات الأميركية، نهاية الشهر الحالي، لا يعني بالضرورة منطقة آمنة تسيطر عليها قوة عسكرية متفردة، ولكن هذا الاقتراح أساسه سيكون تأمين ممر إنساني لمن أراد الخروج من أفغانستان، وتأمين المستهدفين من قبل تنظيم داعش وكذا متشددين داخل البلاد.
وحول الصيغة المحتملة لتنفيذ المنطقة الآمنة، يلفت الزغول في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أنه "من الممكن استخدام مطارات مدنية أو حرم واسع في مؤسسات حكومية وتعليمية لتجميع المغادرين تحت حماية مشددة من قوات النخبة الطالبانية بمراقبة أممية ومساعدة فنية خليجية ولوجستية أوروبية ونقلهم بأسرع وقت إلى دولة مجاورة لتسريع عمليات النقل إما بالطائرات أو من خلال حافلات النقل البري عبر معابر معتمدة أمميا لضمان وصولهم بأمان الى دول الجوار".
ومن المحتمل أن ترضخ طالبان لبعض الشروط وترفص بعضها الآخر خوفا من تحويل المنطقة الآمنة الإنسانية الى منطقة آمنة عسكرية، وفقا للمراقب الدولي السابق لدى الامم المتحدة، ويضيف: "ومن المحتمل أن تشترط جدول زمني لهذه المنطقة الأمنة وتدابير عملها. كل هذا يعتمد على قبول طالبان وطريقة النقل التي سيقرها مجلس الأمن يوم الاثنين بعد التصويت".
وبحسب الزغول، فالمنطقة الآمنة هنا إن تم التصويت عليها في مجلس الأمن من دون اعتراض الفيتو الروسي والصيني ستكون تحت سيطرة الأمم المتحدة بقرار دولي مما يجعل طالبان في وضع حرج لأنها تسعى الى تقديم نفسها باعتبارها حكومة شرعية، لكن قد يسبق هذا القرار مشاورات ووساطة خليجية لإقناع طالبان بهذا الأمر، إلا أن هناك شكوكا وتخوفات "طالبانية" من تواجد قوات تحالف أو أي قوة أجنبية قد تحول المنطقة إلى منطقة خضراء، وهذا حتما سترفضه طالبان، وتقديرا للموقف على الأرض.
كما أن ثمة مخاوف أو بالأحرى تعقيدات تتصل بإنشاء المنطقة الآمنة، من عدة نواح جغرافية وأمنية، لا سيما في ظل سيطرة حركة طالبان، وفقا للمحلل السياسي الأفغاني خالد شاه، والذي يرى أن الهدف الأساسي من المقترح الفرنسي هو إيجاد تكتل دولي يوفر مظلة وحماية للعمليات الإنسانية، ومن ثم، تشكيل ضغط على حركة طالبان التي باتت تسيطر على كابول وكل المنافذ البرية في البلاد، فضلاً عن مساعدة الأشخاص الذين بقوا في أفغانستان والعاملين مع قوات التحالف من الخروج بدون استهداف، خصوصا مع تصاعد التهديدات الأمنية المتلاحقة.
ويرجح المحلل السياسي الأفغاني، أن تقف طالبان ضد إنشاء منطقة آمنة في كابول، ويضيف: "الآن وبالتزامن مع الانسحاب الأميركي بدأ مسلحو وعناصر الحركة استلام مطار كابول وذلك بواسطة قوات خاصة من طالبان تعرف باسم "البدرية"، وثمة أنباء عن تقارب بين الحركة وقطر وتركيا لتسليم مطار كابول لهم".
وتمت عمليات الإجلاء عبر نحو "15 رحلة جوية" من طريق دولة الإمارات، حسب ما صرح ماكرون من في قمة بغداد بالعاصمة العراقية، غداة انتهاء عمليات الجسر الجوي الذي أقامته باريس.
وكان الرئيس الفرنسي، مطلع الأسبوع، قد أعلن إجلاء لنحو 2384 شخصا، من بينهم 142 فرنسيا و17 أوروبيا وأكثر من 2600 أفغاني معرضين للخطر منذ 17 أغسطس، أي بعد يومين على استيلاء حركة طالبان على الحكم في كابول.
وقال ماكرون إنه يتصور عمليات إجلاء محددة في المستقبل "لن تتم في المطار العسكري في كابول" ولكن ربما عبر مطارات مدنية في العاصمة الأفغانية أو من الدول المجاورة.