أعادت رسالة منسوبة لفرنسيات انضممن لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، يعلنَّ فيها رغبتهن في التخلي عن الجنسية الفرنسية، التساؤل حول مصير المحتجزات داخل المخيمات والسجون الداعشية في سوريا والعراق، ما يسهل استغلال التنظيم لهنّ في الدعاية له.
والرسالة، المكتوبة باللغة الفرنسية، تداولها مؤيدون لتنظيم داعش الإرهابي عبر تطبيق "تليغرام"، وتناولتها صحف فرنسية في الأيام الأخيرة، تحمل توقيع فرنسيات يقلنَّ فيها إنهن يرفضن العودة لبلادهن وأبدين استعدادا للتنازل عن الجنسية.
وهاجمت النساء الحكومة الفرنسية، قائلات إن الحياة في سوريا أفضل لأنهنَّ يمارسن الشعائر الدينية بحرية لا توفرها قوانين بلدهن.
غير أن الرسالة لم تكشف طبيعة الحياة التي يعيشنَّها في سوريا، خاصة بعد احتجاز الكثير من الدواعش وعائلاتهم في مخيمات تتسم بسوء الحالة المعيشية.
ولفتت صحف فرنسية إلى صعوبة التأكد من صحة الرسالة، وإذا كانت تنتمي إلى فرنسيات داعشيات، أم هي حيلة من داعش في استغلال المحتجزات الراغبات في العودة إلى فرنسا، ونشر كلام عكسي على لسانهنَّ.
استغلال النساء في الترغيب والترهيب
يشكك الخبير الاستراتيجي، العميد سمير راغب، في محتوى الرسالة، خاصة أنه سبق رصد طلبات من فرنسيات للرحيل عن المخيمات، مرجحا نشر داعش هذه الرسالة لترويج قبول الحياة مع أحكامه المتطرفة.
ويضيف في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إن داعش يجيد الحرب النفسية لتجنيد مقاتلين في فرنسا وأوروبا بعد تقديم صورة أنه حتى النساء، رغم سوء ظروف المعيشة، يفضلن البقاء معه.
ويعمل داعش منذ ظهوره على استغلال للنساء، سواء للترهيب أو للترغيب، ففي بداية اجتياحه لسوريا والعراق 2014 استغلهن كسلاح ترهيب لدفع أعدائه للهرب وترك المدن، فاستهدف النساء بالقتل والسبي وفرض الأحكام المتشددة.
ثم لجأ لأسلوب الترغيب لتجنيد النساء والرجال من خارج سوريا والعراق، فكوَّن مجموعات نسائية تقوم بمدح ظروف الحياة تحت حكم داعش في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتواصل مع النساء في الخارج.
ولم يكتفِ بهذه المهام، فاستغل "كتائب الخنساء" لمراقبة زميلاتهن ومعاقبتهن بالجلد إن لم يلتزمن بالزي الشرعي، وأشركهنَّ في القتال بسوريا بعد نقص المسلحين منذ 2016، والقيام بعمليات إرهابية في أوروبا.
ما وراء الرسالة
يشير العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن الرسالة تحتمل أن تكون صحيحة كتبتها فرنسيات اعتنقن الفكر الإرهابي فعلا، أو تكون مزيفة، أو أجبر نساء على كتابتها، وفي كل الأحوال يستغلها داعش في الدعاية.
ويرجح حسين خضر، نائب رئيس المجلس الاتحادي للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا، وجود مخاوف لدى بعض الأجنبيات في حالة العودة لبلادهن من الملاحقة الأمنية وتطبيق القوانين التي تجرم الانضمام لتنظيمات إرهابية، لذا ربما يرفضن العودة.
ولفرنسا العدد الأكثر من النساء والأطفال المحتجزين في مخيمات شمال شرقي سوريا التي تحرسها قوات سوريا الديمقراطية، حيث يقدر في مخيم الهول بـ80 فرنسية و200 طفل ونحو 100 فرنسية و200 طفل في مخيم روج.
وتتمسك الحكومة الفرنسية بموقفها الرافض لاستعادة نساء داعش؛ تخوفا من خطورة عودتهن، لتستعيد 35 طفلا دون أمهاتهم، الأمر الذي قوبل بهجوم من قبل المنظمات الحقوقية لسوء أوضاع النساء بالمخيمات.