فيما يُسرّع الآلاف من مقاتلي ومؤيدي حركة طالبان من عملية سيطرتهم الميدانية على مختلف مناطق البلاد، فإن "معركة" أخرى تُخاض في الفضاء الافتراضي، حيث تتلاحق المعلومات بشأن آلاف الحسابات الرسمية والمقنعة التي تستخدمها حركة طالبان على منصات فيسبوك وتويتر وأنستغرام، التي تبث الحركة من خلالها دعايتها السياسية والاجتماعية والأمنية.
الرأي الأعم ضمن أوساط المتابعين للشأن الأفغاني، تميل للقول إن حركة طالبان التي منعت الإنترنت نهائياً أثناء فترة حُكمها الأولى (1996-2001)، باتت راهناً مُجبرة على التعامل مع هذه الأداة، سواء من أجل خلق وسيلة تواصل بينها وبين الآلاف من المؤسسات وشبكات السيطرة التي تسعى لتشكيلها، أو لاستحالة قدرتها على منع أكثر من 20 مليون أفغاني يستخدمون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
تعتقد الأوساط المتابعة أن الحركة ربما تعاني معضلتين في ذلك الاتجاه؛ فالبنية التحتية لإدارة شبكات الإنترنت ستعاني خلال الشهور القليلة القادمة من شبه انهيار في مختلف مناطق البلاد، بعد مغادرة الآلاف من موظفي الشركات التي كانت تقدم خدمات الإنترنت والهاتف المحمول في أفغانستان، وعلى رأسها شركة MTN العالمية، خشية وقوعها ضمن لائحة العقوبات الأميركية. وغالباً لن يعود الموظفون الدوليون ولن يتم تزويد شبكة خدمات الإنترنت الأفغانية بالخبراء والمواد التقنية اللازمة إلا ضمن شروط سياسية وسلوكية خاصة، الأمر الذي يصعّب على حركة طالبان الالتزام بها بسهولة ومباشرة. كذلك لأن الحركة تعرضت لعقوبات واستبعاد من قِبل منصات عالمية، مثل فيسبوك ويوتيوب، بينما تدرس منصتا تويتر وإنستغرام اتخاذ قرارات مشابهة.
الباحث والكاتب الأفغاني مراد همسروب، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الآليات التي يُمكن للحركة أن تقوم بها في حال تحقيقها للشرطين السابقين، أي الحصول على التقنية وتجاوز حالات الحظر المفروضة عليها.
يقول همسروب: "في وقت تُظهر فيه الحركة أعلى درجات الحاجة إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها تبقى واحدة من أهم مصادر خشيتها، لأنها تعتقد أن تلك الوسائل قادرة على نقل حقيقتها للخارج، وتسمح بتواصل بناء بين الشعب الأفغاني ومختلف مناطق العالم. لأجل ذلك فإن الحركة وإن وافقت بتدفق الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، فإنها ستسعى لأوسع طيف من القيود، مثل العقوبات الرادعة في حال تجاوز المستخدمين لجملة من الشروط، كذلك السعي لأن يكون لها الحق بالوصول إلى قواعد البيانات والمعلومات الأساسية للمشتركين في تلك الصفحات".
شُبان أفغان ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، أكدوا خلال اتصال سكاي نيوز عربية بهم أنهم منذ أيام يسعون لإغلاق حساباتهم وإنشاء أخرى، أو حذف الصور والتعليقات القديمة، التي قد تدفع الحركة لمعاقبتهم في حال التحقيق معهم والكشف عن حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
الكثير من المتطوعين والشركات غير الربحية في مجال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قدموا خدماتهم المباشرة إلى الشُبان الأفغان، لمساعدتهم على تأسيس منصات آمنة، يصعب معها معرفة الجهات التي تدير الحسابات، ويُستحال اختراقها من قِبل الجهات الرديفة لحركة طالبان.
بعض الشركات العالمية، وعلى رأسها فيسبوك التي تملك منصة (واتسآب)، أعلنت عن مجموعة من الإجراءات الخاصة للمستخدمين الأفغان، مثل تسهيل إغلاق الحسابات بشكل نهائي بزر واحد وإعادة تشغيله عبر سلسة من الإجراءات الآمنة، التي لا يُمكن لغير المستخدم أن يستعيدها، أو منع غير الأصدقاء المقربين من متابعة الصور والحالات التي تُنشر على الحسابات، أو حتى إخفاء أرقام وأسماء المشاركين في المجموعات المشتركة.