رغم الاشتباكات والمناوشات المتقطعة والقصف التركي بين حين وآخر، لكن الهدوء الحذر والنسبي كما يقول المراقبون، كان هو الغالب على مشهد الجبهات الفاصلة بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومناطق الاحتلال التركي إثر عملية "نبع السلام"، التي تمت في شهر أكتوبر من عام 2019.
إلا أن القوات التركية زادت من وتيرة قصفها المدفعي، لبعض تلك المناطق في الأيام القليلة الماضية، وخاصة ليلة الثلاثاء، حيث تعرضت بلدة أبو راسين بريف رأس العين، لهجوم واسع وعنيف بوابل كثيف من القصف المدفعي والصاروخي في ساعات المساء المتأخرة، من مدفعيات وراجمات الجيش التركي والفصائل السورية المتعاونة معه، حيث راح ضحية القصف بحسب المصادر الصحية في المنطقة، قتيلان (طفل وامرأة) ونحو 20 جريحا.
ووفقا لوكالة سانا السورية الرسمية للأنباء: "قتلت امرأة وأصيب عدد من المدنيين بجروح جراء قصف تركي على بلدة أبو راسين ومحيطها وقصفها بعشرات القذائف المتنوعة بريف الحسكة الشمالي الغربي".
ويعد هذا الهجوم أحد أعنف الهجمات، التي يشنها الجيش التركي في المنطقة منذ انتهاء عملية غزو "نبع السلام" قبل نحو عامين.
وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي جمال عزيز، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "واضح تماما أن هذا الهجوم العنيف والذي استهدف الأحياء السكنية المدنية لبلدة صغيرة آمنة، هو رسالة تركية لجس نبض واشنطن في مناطق شرق الفرات التي تتواجد فيها القوات الأميركية، وليست صدفة بطبيعة الحال وقوع هذا الهجوم بعيد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، مع الانسحاب الأميركي منها".
ويتابع: "تركيا الآن تراهن ولا ريب على انسحاب أميركي مماثل من شمال سوريا وشرقها، كي تستفرد بتلك المناطق وتوسع مناطق احتلالها فيها لتشمل عموم المناطق الشمالية من سوريا كما تطمح أنقرة، وهي تسعى علاوة على ذلك لاثارة المزيد من البلبلة والخوف والتوجس في تلك المناطق، التي يسود القلق بين سكانها من حدوث انسحاب أميركي، يمهد لاجتياح الجيش التركي ومرتزقته السوريين لها، كما حدث قبلا في كل من عفرين ورأس العين وغيرهما من مناطق سورية تحتلها تركيا، وتعمل على تتريكها وسلخها عن سوريا".
ويقول أحد الأهالي الذي رفض كشف اسمه في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "كنا في ساعات الليل المتأخرة نسبيا، حيث عادة ما يخلد الناس للنوم مبكرا في بلدتنا، وفوجئنا ببدء القصف الشديد بعشرات القذائف المدفعية والصاروخية، وما عدنا نعرف كيف نتصرف فنحن مدنيون وبيوتنا متواضعة، ولا تتوفر على ملاجىء حصينة، ولا يوجد حتى من يحمينا من كل هذه الحمم النارية التي دكت بيوتنا على حين غرة".
هذا وكشفت مصادر محلية في بلدة أبو راسين لموقع "سكاي نيوز عربية" أن أهالي البلدة وهم خليط من العرب والأكراد، قد نزحوا عنها نحو قرى ومدن مجاورة كالحسكة والقامشلي والدرباسية، خشية معاودة القصف المدفعي والصاروخي للبلدة.
وتضيف المصادر المحلية، أن عدد سكان بلدة أبو راسين كان أكثر من 10 آلاف نسمة، لكن مع بدء الاحتلال التركي لرأس العين، أواخر عام 2019 نزح سكانها منها، ولم يعد منهم سوى نصفهم فقط، وها هم العائدون بعد هذا الهجوم التركي ينزحون مرة أخرى.