بعثت تصريحات السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، بشأن الدور الذي يلعبه القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، في توحيد الجيش، رسالة بإمكانية حلحلة أزمة ملف انقسام المؤسسات الليبية، فيما أثارت غضب تنظيم الإخوان الإرهابي والمليشيات التابعة له.
وقال نورلاند في تصريحات صحفية قبل يومين، إن حفتر يمكنه المساهمة في توحيد الجيش الليبي في البلاد، وإن واشنطن تدعو كل الأطراف الدولية الفاعلة في ليبيا إلى ضمان خروج المقاتلين الأجانب من البلاد.
وحذر من أنه في حال عدم توحيد المؤسسة العسكرية سيتزعزع الاستقرار، لافتا إلى أن هناك بوادر ومؤشرات في التنسيق بين القوات في الشرق والغرب، واللجنة العسكرية 5 + 5 (المكونة من قيادات عسكرية تمثل الشرق والغرب) يمكنها أن تلعب دورا في هذا الاتجاه.
ورفض السفير الأميركي الحل العسكري للأزمة الليبية، معتبر أنه "لن يخدم أي طرف، والهدف الآن هو توحيد جميع المؤسسات بما في ذلك المؤسسة العسكرية"، ولفت إلى أن المفاوضات بين الأطراف الليبية بشأن خروج القوات الأجنبية "تحرز تقدما".
وأعرب عن توقعه بأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستنعقد في موعدها ديسمبر المقبل.
غضب إخواني
وأثارت هذه التصريحات غضب قادة الميليشيات وأعضاء تنظيم الإخوان في ليبيا، وعبروا عن رفضهم بالهجوم على المسؤول الأميركي، ووصف الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة بالمشبوه وغير الحيادي.
وقال القيادي الإخواني عبد الرحمن الشاطر، عضو ما يسمى بالمجلس الأعلى للدولة الذي يقوده خالد المشري حليف تركيا، "إن من يعول على دور أميركي إيجابي في المسألة الليبية للوصول بها إلى الدولة المدنية واهم".
وأضاف في تغريدة له على فيسبوك أن "السفير الأميركي يرى إمكانية توحيد المؤسسة العسكرية بمساهمة حفتر.. السفير يقدم لنا الوجه القبيح لأميركا بدون رتوش".
الفرق بين الجيش والميليشيات
وعلق محللون سياسيون على تصريح السفير الأميركي بأن المشير حفتر في يده نواة جيدة وقاعدة ثابتة لتوحيد الجيش.
وضرب المحلل العسكري والمتحدث السابق للشرطة العسكرية معتصم الحواز، مثالا على ذلك بأن الجيش الليبي في شرق ليبيا جيش نظامي يحمل مبادئ وأسسا عسكرية وعقيدة سليمة لم تشوبها أسس الفساد والتطرف.
وأضاف الحواز لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "إذا قارنا الأوضاع في شرق ليبيا وغربها سنجد اختلافا كبيرا عسكريا وأمنيا؛ فحتى الآن لم ينعم الغرب الليبي الذي تسطير عليه الميليشيات على الأمن، نظرا لغياب مؤسسة عسكرية هناك، بينما الوضع في الشرق الليبي هو الأفضل، فلم تجد ميليشيات تقاتل بعضها مثلما يحدث في الزاوية؛ نظرا لأن الجيش الليبي عمل السنوات الماضية على فكرة إنهاء أي وجود عسكري غير نظامي في المناطق التي يسيطر عليها".
وبحسب الحواز، فإن الجيش الليبي حتى الآن يسيطر على 70 بالمئة من الأراضي الليبية، ولولا قرار وقف إطلاق النار (بعد معركة طرابلس في 2020) لبات الآن في طرابلس، "فكيف لقوة بهذا الشكل وهذا النظام وذو تواجد كبير في ليبيا ولا يستفاد في خبراتها لتنظيم عمل الجيش في البلاد؟".
ولفت إلى أن "المسؤولين دائما في الولايات المتحدة لا يصدرون تصريحات من دون أن تكون مدروسة بشكل سليم، وعرضت على جهات هناك لدعم هذه الفكرة".
وأعادت الاشتباكات المتكررة في الأسابيع الأخيرة بين الميليشيات في غرب ليبيا بالأسلحة المتوسطة والثقيلة السؤال حول الصعوبات التي تنتظر ليبيا إذا لم يتم تفعيل قرارات مؤتمر "برلين 2" ومجلس الأمن الخاصة بتوحيد المؤسسات الليبية وحل الميليشيات ورحيل القوات الأجنبية.
الخوف من النهاية
من جانبه قال الباحث السياسي الليبي، الهادي عبد الكريم، إن "الأبواق الإخوانية المهاجمة للمشير حفتر هي التي تروج لقادة ميليشيات وقادة إخوان منهم وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق فتحي باشاغا".
وعن سبب رفضهم لحفتر، قال عبد الكريم في تصريحات صحفية إن "هؤلاء على يقين بأن حفتر هو الوحيد القادر على إنهاء سطوة المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون بعد انتخابه؛ وذلك في أيام معدودة، خصوصا وأن الشرعية في ليبيا ستكون واحدة في حينها، والخاسر الوحيد والأكبر هو تنظيم الإخوان وميليشياته".
وحددت البعثة الأممية للدعم في ليبيا الاثنين المقبل موعدا نهائيا لتصويت ملتقى الحوار الليبي على القاعدة الدستورية التي من شأنها تنظيم الانتخابات المقرر عقدها ديسمبر القادم، والتي يعقد الليبيون عليها آمالا واسعة لتكون بداية إعادة توحيد مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمصرفية والسياسية، بقدوم رئيس وحكومة يكتسبان شعبيتهما من الشعب مباشرة.