تتواصل حرائق الغابات في المناطق الساحلية من جنوب غربي تركيا، فيما ادعت صحيفة مرتبطة بحزب العدالة والتنمية التركي أن جماعة منظمة تدعي "أبناء النار" هي التي تقف وراء إشعال هذه النيران.
وزعمت الصحيفة أن الجماعة المذكورة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض أعمالا مسلحة ضد السلطة التركية منذ أربعة عقود، بينما تصنفه تركيا كـ"منظمة إرهابية".
وأوردت صحيفة "يني شفق" التركية أن هذه الجماعة التي لم تكن معروفة بشكل واسع النطاق، إلا أنها تبنت إشعال الحرائق الأخيرة.
وذكرت الصحيفة أن الحركة أكدت لها التورط في هذه الحرائق وقالت إن "الحكومة التركية لا تفهم لغة أخرى، ولذلك أردنا تركيعها بالنار".
وأضافت الصحيفة في التقرير الذي نشرته إن هذه الجماعة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي قالت إنه مارس العديد من عمليات حرق الغابات في وقت سابق.
وعقب نشر الصحيفة، شبه الحكومية، لتقريرها، أصدرت عدة جهات أمنية تركية معلومات حول منعها لبعض الفاعلين إشعال النار بمناطق شجرية، مثل منطقة "بولو" القريبة من إسطنبول، وقرب سكنة عسكرية في ولاية أزمير، أقصى جنوب غرب تركيا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد شكك في أوقات سابقة، أثناء ذروة اندلاع الحرائق من إمكانية أن يكون ثمة فاعل ما وراء ما يجري، مطالباً الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في بلاده متابعة الأمر بكل جدية وسرعة، مُهدداً الفاعلين بمواجهة مباشرة في حال إثبات أي دور لهم.
شكوك حول الاتهام
لكن أغلبية واسعة من المراقبين، بما في ذلك خبراء الإعلام، شككوا في مصداقية تقرير الصحيفة التركية، وقال الإعلامي التركي مهران جوجوك في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن المعلومات التي أوردتها الصحيفة ليسىت لها أي مصداقية. "لأنها لم تتضمن أية وثائق ذات قيمة حقيقة، ما عدا بيان ادعت أنه بيان نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن مثل هذه البيانات تحتاج للكثير من التمحيص لتأكيد مصداقيها، كما أن الصحيفة لم تذكر اسم أي شخص أو جهة أو حدث أو إثبات لكل مضامين الخبر، فكل شيء فيما ذكرته مبني للمجهول. "لكن الأهم، هو أن هذه الصحيفة معروفة في الأوساط السياسية والإعلامية التركية كونها أقرب الجرائد التركية السياسية لعالم الصحافة الصفراء".
وغالبا ما تقوم الصحيفة بنشر تقارير مضخمة ومُفتعلة، تأخذ حدثاً ما واقعياً، وتختلق مجموعة من الحكايات والأقاويل حوله، معتمدة على تلقي طبقة غير المتعلمين بمستويات جيدة، حيث يأخذون كل ما يتلقونه"، بحسب الصحفي.
وسائل إعلام تركية أخرى، مقربة بدورها من حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان، قالت إن جماعة "أبناء النار" كانت مسؤولة من قِبل عن إشعال الحرائق في العديد من الجسور والأماكن العامة ومصانع السيارات ومستودعاتها وشركات الحديد خلال فصل الربيع الماضي، وأوردت أن هذه الجماعة تؤمن بأن هذه المؤسسات تمول الحكومة والجيش التركيين في حربهما ضد حزب العُمال الكُردستاني والقوى السياسية الكُردية.
صرف الأنظار
وخلال الأيام الماضية، شككت قوى وشخصيات تركية معارضة، في وقوف جهة منظمة خلف حرائق الغابات في البلاد، مذكرين بأن هذه الاتهامات تسعى إلى تغيير الحديث الرئيسي في البلاد، المتعلق بفشل حكومة حزب العدالة والتنمية في القيام بواجبها والتعامل مع موجة الحرائق التي طالت الكثير من مناطق البلاد، وأثبتت ترهل جهاز الدفاع المدني والتعاون الذي طلبته من القوى العسكرية والأمنية في سبيل التعامل مع ذلك.
وحذر الباحث الاجتماعي التركي الكردي، ولي أوزموج، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، من خطورة مثل هذه الأنباء في الوقت الراهن، لأن المجتمعين الكُردي والتركي ضمن البلاد باتا في ذروة الاستقطاب والتنابذ القومي "قبل أقل من أسبوع واحد فقط قُتل سبعة اشخاص أكراد على يد متطرف قومي تركي".
وأضاف أن المشكلة تكمن في أن وسائل التواصل الاجتماعي، أثناء الردود على تلك الواقعة، كشفت كماً هائلاً من الكراهية والنبذ الذي تكتنزه المجتمعات المحلية والأهلية في تركيا ضد بعضها البعض. ومثل هذه الأخبار غير الموثوثة تماماً، أنما تزيد من جرعة الكراهية التي تواجه الأكراد في البلاد. لأنها، أي هذه الأخبار".
وأوضح أن هذه الاتهامات تتحدث عن جماعة سياسية أو تنظيم جُرمي، لكنها في المحصلة توحي بأن الأكراد هُم الفاعلون الحقيقيون لهذه الجريمة، "هذا ما تفهمه القاعدة الأوسع من القوميين الأتراك على الأقل، وهذا بمنتهى الخطورة".
وفندت مواقع إلكترونية وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، مُقربة وموالية لحزب العُمال الكُردستاني، كل ما أوردته الصحيفة التركية، وما أتت وسائل إعلام أخرى على تناوله، مذكرة بأن حزب العمال الكُردستاني منذ أربعين عاماً لم يتعرض لشخص تركي مدني واحد، ولم ينفذ أية عملية عسكرية ضد المناطق والمصالح المدنية في البلاد، والسجل الجنائي للحزب واضح في ذلك المضمار، حسب هذه المواقع والصفحات.