شهدت إيران اشتباكات مسلحة، هي الثانية في أقل من شهر، بين مقاتلين أكراد من ناحية وقوات حرس الحدود الإيرانية والحرس الثوري من ناحية أخرى، في محافظة كرمنشاه غرب البلاد، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في إقليم الأهواز ذي الكثافة العربية بسبب أزمة المياه وما يصفونه بـ"التهميش المتعمد" لهم.
وفي تصريحات لقيادات حركية وحزبية كردية لـ"سكاي نيوز عربية" فإن هذه الاشتباكات تأتي على وقع "انسداد الأفق في إصلاح النظام" بعد فوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية، والمقرر تنصيبه في 5 أغسطس المقبل بحسب موقع "إيران إنترناشونال" المعارض؛ ما يعني زيادة قبضة المتشددين على الحكم و"قمع" المعارضين، ويُضعف آمال الأكراد في "التحرر" مما وصفوه بـ"المحتل الإيراني".
والأكراد يتركزون في إيران في محافظتي كردستان وكرمنشاه في منطقة يسمونها كردستان الشرقية، ويعتبرونها واحدة من 4 مناطق تكون حلمهم بإقامة "دولة كردستان الكبرى" والبقية هي "كردستان الشمالية" في تركيا، و"كردستان الغربية" في سوريا، و"كردستان الجنوبية" في العراق، ويقدر عدد الأكراد في إيران بـ 12 مليون نسمة من إجمالي السكان البالغ 82 مليون.
تدمير واسع
وشهدت محافظة كرمنشاه، تصاعد العمل المسلح بين قوات حزب الحياة الحرة "بيجاك" وقوات الحرس الثوري في "شرکان" على الحدود الإيرانية العراقية.
وذكرت مصادر كردية أن مدفعية الحرس الثوري قصفت ظهر الإثنين الماضي مرتفعات قرية "شاركان" بناحية نصود التابعة لكرمانشاه؛ ما أدى لأضرار كبيرة في مراعي الغابات واشتعال حريق.
وسبق ذلك اشتباك مسلح، السبت الماضي، بين الحرس الثوري وقوات أحد الأحزاب الكردية في المرتفعات قرب قرية ألامباد في بوشان.
وفي نهاية يونيو الماضي، وقعت اشتباكات متقطعة بين الحرس الثوري ومقاتلي "بيجاك" في مرتفعات "سروآباد" أدى إلى مقتل 4 من الأكراد وإصابة عضوة بالحزب، إضافة لإصابة 9 من الحرس الثوري الإيراني، وفقا لمنظمة "هنكاو".
وأوضحت المنظمة أن القرى الكردية بمرتفعات "سروآباد"، تدمرت بشكل كبير نتيجة القصف العشوائي لمدفعية الحرس الثوري، ما أدى إلى نزوح المئات من السكان.
ومن أسباب الاشتباكات أنه سبقها حرق رافعة تابعة للحرس الثوري في قرية بيوران يستخدمها لبناء قاعدة عسكرية له في كردستان، وخلال مايو قتل شخص من الحرس خلال اشتباكات مع أكراد مسلحين في مدينة "باوه" بمحافظة كرمنشاه، وقبلها قتل اثنين من الحرس في أبريل في اشتباكات مع حزب كردي مهاباد واثنين آخرين في مريوان وفقا لإحصاء بيان للحرس الثوري.
تضامن مع مظاهرات الأهواز
وحول المظاهرات التي شهدتها كردستان في إيران، تضامنا مع مظاهرات العرب في الأهواز، جنوبي البلاد، قالت القيادية بحزب الحياة الحرة الكردستاني وعضو تنسيقية جمعية المرأة الحرة شرق كردستان" KJAR، بيمان فيان لسكاي نيوز عربية: "مما لا شك فيه أن الانتفاضة الأخيرة في منطقة الأهواز هي نتيجة لسياسات النظام الإيراني المعادية للشعب التي أدت لاستياء الشعوب العربية والكردية والبلوشية من نظام الاحتلال".
وأضافت: "على سبيل المثال، ثار الشعب العربي بسبب أزمة المياه التي هي مصدر الحياة، وتجفيف نهر كارون، لكن الواقع هو أن النظام لا يرى أي حقوق سياسية وثقافية واقتصادية مشروعة للشعب العربي، ويقابل مطالبهم بالرصاص، وهذا لا يؤلم فقط الشعب العربي، ولكن أيضا الأكراد والبوش وغيرهم".
ما يطلبه الأكراد
وفي كردستان إيران عدة فصائل مسلحة، منها حزب الحياة الحرة الكردستاني، "بيجاك" تأسس عام 2004، والحزب الديمقراطي الكردستاني "حدك" المنشق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني KDPI في 2006، وحزب "العصبة الثورية لكادحي كردستان "كومله" تأسس في 1968، وغيرها، وهدفها بتعبير الأكراد تحرير كردستان واستعادة الدولة الكردية أو إنشاء كونفدرالية للأقليات.
ويرفض رئيس حزب "سربستي كردستان"، عارف باوه، وصف هذه الحركات بأنها ميليشيا، ويبرر هذا لسكاي نيوز عربية بأنه لا يوجد ميليشيات في كردستان، ولكن هناك "البيشمركة الدفاع الوطني"، التي تأسست قبل 75 عاما، و"البيشمركة" تعني بالكردية أن "قابل الموت للدفاع عن شرفك، أرضك، حريتك"، وهي التعبير المفضل لدى الأكراد.
وتتكون هذه الحركات من تيارات مختلفة "ليبرالي، اشتراكي، يميني، ديني، شيوعي"، وكل حزب لديه قوات خاصة للدفاع عن الأكراد، وهي أحزاب تهدف إلى "التحرر الوطني من الاحتلال الفارسي، وتحظى بقبول واسع من الشعب الكردي"، بحسب تعبير باوة جاني.
عهد رئيسي
وفيما يتعلق بمستقبل الصراع بعد وصول إبراهيم رئيسي للحكم، لم يتفاءل رئيس حزب "سربستي كردستان"، وأرجع ذلك إلى أن الأكراد لم يروا خلال العقود الأربع الماضية من حكم النظام الديني (الذي بدأ بثورة الخميني 1979) ما يرضيهم؛ لذلك لا يمكن التعويل على الرئيس الجديد، والأكراد "مؤمنون بأن النظام الإسلامي في طهران وصل إلى نهايته".
"تفاهم" إيراني تركي ضد الأكراد
القيادية بحزب الحياة الحرة الكردستاني، بيمان فيان، أشارت إلى إنه بالتزامن مع الاشتباكات بين الأكراد والقوات الإيرانية، فإن تركيا شنت غارة بطائرة مسيرة على منحدرات جبال أسوس بإقليم كردستان العراق، قرب الحدود مع إيران، قتلت اثنين من حزب "بيجاك"؛ ما يعني وجود "خطة مشتركة" بين طهران وأنقرة ضد الأكراد.