لم تتبق سوى أسابيع معدودة قبل أن تغادر آخر القوات الأميركية أفغانستان، بعدها ستكون القوات التركية في مواجهة مباشرة مع حركة طالبان، وسط مخاوف من التحول إلى قتال عنيف.
ومع تولي الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة في يناير الماضي، أعلن صراحة نيته سحب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول 11 من سبتمبر المقبل، في ذكرى الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بلاده وقادت إلى حرب أفغانستان، أطول الحروب التي خاضتها واشنطن.
ومن المؤكد أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان سيترك فراغا، قد تسارع حركة طالبان المتمردة إلى سده، خاصة في ظل ضعف الحكومة المحلية.
وفي ظل هذه المعطيات، برزت تركيا التي عرضت تحمل أعباء أمنية بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانسان.
ويدور الحديث حاليا عن أن الدور التركي سينحصر في تأمين مطار العاصمة كابل، الذي يعتبر منشأة استراتيجية بالغة الأهمية، إذ يعد مركزا اقتصاديا وعسكريا ولوجستيا.
لكن عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتولي مهام أمنية في أفغانستان، كان مقرونا بطلب دعم مالي ولوجيستي وسياسي، لتتمكن بلاده من إدارة وحماية المطار.
وقال أردوغان بعد صلاة عيد الأضحى، الثلاثاء: "إذا أمكن الوفاء بهذه الشروط فإننا نفكر في تولي إدارة مطار كابل".
غير أن الدعم اللوجستي الأميركي ليس المشكلة الأكبر مقارنة بالمواجهة مع حركة طالبان، حيث حذرت أنقرة من خطط الانتشار العسكري في المطار واصفة الأمر بـ"المستهجن" الذي قد تترتب عليه "تداعيات".
وقالت طالبان في بيان: "إذا لم يبادر المسؤولون الأتراك بإعادة النظر في قرارهم وواصلوا احتلال بلادنا، سنتخذ موقفا ضدهم".
وهذا ببساطة يعني أن تركيا صارت في مأزق، أقر به أردوغان عندما قال إن طالبان "لديها تحفظات"، لكنه أوضح أن بلاده ستنفذ المهمة رغم ذلك.
وتخوض أنقرة هذه المغامرة الكبيرة من أجل تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد تدهورها لأسباب عدة أبرزها شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية "إس 400".
وتقدر الاستخبارات الأميركية أن حكومة كابل يمكن أن تنهار في مواجهة هجمات طالبان، بعد 6 أشهر من انسحاب الولايات المتحدة، وهذا يعني أن الجيش التركي سيكون في مواجهة حتمية مع الحركة في أوائل فبراير المقبل.
وخلال هذه المدة، من المرجح جدا أن تستعين أنقرة بقطر التي ترعى مفاوضات سلام بين طالبان وكابل، وفقما أورد موقع "أحوال" الإخباري التركي.
وهو ما يمنح قطر قدرا من الثقة لدى طالبان ويمكن أن تفاوضها نيابة عن أنقرة للإبقاء على قوات تركية لحماية مطار، وفق "أحوال".
وكان المسؤول التركي السابق في بعثة الناتو في أفغانستان حكمت جيتين، قال في وقت سابق إنه يمكن لأنقرة تفادي هجمات طالبان.
وأضاف جيتين وفقما أورد موقع "فويس أوف أميركا" الإخباري، أن أنقرة حافظت في الماضي على علاقات واسعة مع كل أطراف الصراع في أفغانستان، كما يمكنها الاستعانة بقطر وباكستان لممارسة النفوذ على طالبان بهدف تخفيف الانتقادات الموجهة للدور التركي.