قرأ محللون تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي أطلقها الجمعة، على أنها عودة إلى سياسة أنقرة العدائية والاستفزازية لدول المنطقة، ومؤشر جديد على فشل المسار التفاوضي مع القاهرة.
وقال أردوغان إن تركيا "موجودة في ليبيا وأذربيجان وسوريا وشرقي المتوسط، وستبقى"، في لهجة تحد تصعيدية لأزمات قائمة بالفعل في المنطقة وراءها أنقرة.
وأضاف خلال تفقده مصنع جنازير الدبابات بولاية صقاريا شمال غربي تركيا:"سننتزع حقوقنا المشروعة وسنقوم بأعمال التنقيب في كافة بحارنا، لا سيما شرقي المتوسط ومحيط قبرص".
وتأتي تصريحات أردوغان بعد أيام من إعلان مصر رسميا تجميد المفاوضات مع تركيا، بسبب الخلافات حول 3 ملفات، هي التواجد التركي في الأراضي الليبية واستمرار دعم المرتزقة، والاستمرار في التنقيب غير الشرعي عن الغاز في مياه شرق المتوسط من دون الوصول إلى اتفاق، واستمرار تقديم الدعم التركي لتنظيم الإخوان ورفض تسليم المطلوبين لدى جهات القضاء في مصر، فضلا عن التصريحات التحريضية لمستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي ضد القاهرة.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد توقف المباحثات المصرية التركية في الوقت الحالي، نافيا توجه وفد مصري إلى أنقرة لاستئناف المباحثات قريبا.
وأكد شكري أنه "لا يوجد أي موعد محدد حاليا لاستئناف الجلسات الاستكشافية للنظر في العلاقات المصرية التركية"، مشيرا إلى تحفظ مصر على عدد من السياسات التركية خاصة بعد تجاوزات مستشار أردوغان.
ويرى الخبير المختص بالشأن التركي صلاح لبيب، أن تصريحات أردوغان "استمرار لعملية الاستفزازات التي تمارسها تركيا، ومواصلة لسياسة الغزو والإمبريالية التي تنتهجها لمحاولة السطو على ثروات دول الجوار في محيطها الإقليمي وكذلك المنطقة العربية".
ويصف لبيب في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" استمرار هذه السياسيات، بأنها "تحد كبير للدول الكبرى في المنطقة وفي مقدمتها مصر والسعودية، كما يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وتجاوزا لتحذيرات كافة الدول من مغبة الاستمرار بهذه السياسيات، خاصة فيما يتعلق بالتنقيب غير الشرعي عن الغاز في منطقة شرق المتوسط".
ويقول لبيب إن "التصريحات التركية كاشفة وليست مؤسسة لواقع جديد في المنطقة"، مشيرا إلى أن تركيا لم تتوقف عن سياستها المستفزة في شرق المتوسط، وأن "الاحتلال التركي لمناطق عدة في شمال سوريا قد فرضته ليبقى لسنوات ولن تتخلى عنه بسهولة".
ومن جهة أخرى، يرى لبيب أن على الدول التي بدأت الحوار مع تركيا خلال الفترة الماضية أن تعيد صياغة الأمر بما يتفق مع السياسات التي عبر عنها أردوغان، التي "تعكس واقع التحركات الخارجية لدولته"، وهي "لن تتغير في القريب العاجل" حسب وجهة نظره، مؤكدا على أهمية أن تستعد الدول العربية لمواجهة المحاولات التوسعية لتركيا خاصة في ظل الحديث عن رغبة أنقرة تأسيس وجود عسكري لها في اليمن.
ويشير لبيب إلى أن "التصريحات الرسمية من تركيا بشأن رغبتها في التوافق مع مصر على المستوي الرئاسي والحكومي لم تقابلها سياسات مماثلة من مصر، لأن العداء بدأ من الجانب التركي وليس العكس، كما أن أنقرة اتخذت سياسيات عدائية تجاه القاهرة خاصة بتعمد دعم الإرهاب وتقديم الدعم المادي واللوجيستي للجماعات المعادية لمصر".
ويؤكد أن حكومة العدالة والتنمية لن تتخلى عن مشروعها الداعم للإسلام السياسي والثورات والقلاقل في المنطقة مقابل التوافق الاستراتيجي مع مصر، موضحا أن "مشروعي القاهرة وأنقرة متناقضان ولا يمكن التقريب بينهما خاصة على مستوى التحالفات الخارجية والملفات الإقليمية".