ارتفع منسوب الغضب النسائي في تركيا، بعد دخول انسحاب البلاد من اتفاقية إسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة حيز التنفيذ.
وإثر ذلك، خرجت تظاهرات حاشدة من كلا الجنسين في مناطق شتى بتركيا رفضا للقرار.
وتعارض الخطوة غالبية الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والتيارات الشعبية المدنية والديمقراطية له.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أعلن عن نيته الانسحاب من الاتفاقية في مارس الماضي، في خطوة قال مراقبون إنه تسعى لاسترضاء التيارات المحافظة بتركيا قبيل الانتخابات الرئاسية في 2023.
من وجهة نظر سياسيين وسياسيات في تركيا، فإن أردوغان اتخذ قراره بدافع من عداء حركات الإسلام السياسي للمرأة.
وتتضمن الاتفاقية تشريعات وآليات ضد العنف الجسدي والنفسي والاغتصاب الزوجي والزواج القسري وختان الإناث، وغير ذلك من أشكال التمييز ضد المرأة، وانتهاك حقوقها وكرامتها، حيث وقعت في مدينة إسطبنول عام 2011.
وأثار قرار أردوغان عاصفة من الانتقادات والاحتجاجات في البلاد وخارجها، خاصة في الأوساط المدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل.
ويرى المراقبون والمدافعون عن حقوق الإنسان في تركيا، أن هذا القرار يوجه ضربة قاصمة لحقوق المرأة التركية وتراجعا حادا في حرياتها.
عداء تاريخي مع المرأة
من جانبها، تقول السياسية التركية، ناهد آرميش لموقع "سكاي نيوز عربية" :"لم نتفاجأ مطلقا بقرار الانسحاب كون نظام حزب العدالة والتنمية نظام أحادي ومستبد، يعمل على قضم كافة المكتسبات المدنية والديمقراطية المتحققة ولو جزئيا ونسبيا، لمختلف شرائح الشعب التركي وفي مقدمها شريحة النساء".
وتضيف "لدى حركات الإخوان ومنها حزب العدالة والتنمية الأردوغاني، عداء تاريخي لقضية حرية المرأة وتمكينها، وهي تزدري النساء وتسعى لتحويلهن إلى مواطنات درجة ثانية، مجردات من أبسط الحقوق، فالبعد الإخواني الطاغي في تكوين شخصية أردوغان وحزبه لا يختلف عليه إثنان، وهو العامل الرئيسي في هذا القرار الكارثي".
ومع أن حريات النساء ليست بأفضل حال عموما في تركيا، لكن واقعهن قياسا بالعديد من دول العالم الثالث، يعتبر متطورا لحد ما بحسب المراقبين، لكن هذا الأمر على وشك الانتهاء من هذا لحال، ليغدو التطور النسبي في واقع المرأة التركية شيئا من الماضي.
لن يقف عند المرأة
من جهتها، تقول الناشطة النسوية، أيسل آلتان، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "اليوم يفعلها النظام مع النساء والحبل على الجرار، إذ لن يكتفي بذلك بل هو يسعى لقولبة المجتمع بكافة شرائحه وبجنسيه".
وتابعت: "لديه خطة متكاملة لتطويع تركيا وجعلها مطية لأجنداته وبرامجه المتطرفة، والانتقاص من حقوقنا كمواطنين أتراك بغض النظر عن جنسنا ودياناتنا وقومياتنا".
وتردف آلتان :"هو (أردوغان) يحاول بذلك تحشيد الرأي العام المحافظ في البلاد خلفه، خاصة وأن مختلف استطلاعات الرأي حول الانتخابات القادمة تشير لهزيمة مؤكدة لأردوغان وحزبه، لكننا أن نصمت وستكافح ضد هذا القرار الرجعي الخطير والظالم بحق الأتراك ككل، وليس بحق النساء منهم فقط (...)".