أطلق مسلحون النار على حافلة نقل ركاب في بلدة "دوينتزا" شمال منطقة "موبتي" بوسط مالي، مما أسفر عن مقتل 6 مدنيين، وإصابة 13 آخرون، من بينهم 5 في حالة خطرة، في واحدة من سلسلة الهجمات التي تتعرض لها مالي في الفترة الأخيرة على يد التنظيمات الإرهابية التي تنتشر في منطقة الساحل الغربي لأفريقيا.
وتشهد مالي في الفترة الأخيرة أزمات سياسية خانقة، خاصة خلال الأشهر الماضية والتي شهدت انقلابان أطاحا بالرئيس المؤقت "با نداو" ورئيس الوزراء "مختار وان" ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، وتم تسليم السلطة إلى أسيمي غويتا الذي قاد عملية الانقلاب الأخيرة، في ثاني إطاحة برئيس للبلاد خلال 9 أشهر، في أعقاب ذلك أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعليق العمليات العسكرية المشتركة مع مالي، واصفا هذه الخطوة بأنها "انقلاب على الانقلاب".
وعلى الرغم من ذلك لم يهدئ الشارع في مالي، واستمرت الأزمة السياسية التي انعكست على الوضع الأمني، الأمر الذي استدعى تدخل الجيش الفرنسي في بعض المعارك ما أثار سخط الكثير من السكان والمواطنين في البلاد.
وازداد الأمر سوءا حينما هدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بسحب القوات الفرنسية من مالي قائلا: "إنه لن يبقى إلى جانب بلد لم تعد فيه شرعية ديمقراطية ولا عملية انتقال سياسي".. وساهمت تصريحات ماكرون في إغضاب الشارع بمالي، وذكرت مصادر مسؤولة بباريس أن الدولة الأفريقية تتطلع إلى النموذج الروسي في دولة أفريقيا الوسطى.
من جانبهم نظم عدد من الناشطين في مالي تظاهرات احتجاجية تطالب بانسحاب القوات الفرنسية من البلاد، ورفعوا لافتات تدعو إلى التعاون بين مالي وروسيا، كما لوح بعض الناشطين بالأعلام الروسية.
جاءت المظاهرة في أعقاب إعلان وزير الدفاع الألماني عن إصابة 12 جنديا ألمانيا في هجوم على جنود كانوا يشاركون في مهمة للأمم المتحدة في مالي.. فيما أعلنت بعثة الأمم المتحدة في مالي "مينوسما" أن 15 جنديا من قوات حفظ السلام أصيبوا بجروح عندما استُهدفت قاعدة عمليات مؤقتة في منطقة "غاو" بسيارة مفخخة.
وفي سياق متصل قال بكاري كوليبالي أحد الناشطين المشاركين في المظاهرة الاحتجاجية، أنه سيكون سعيدا للغاية في حال مغادرة القوات الفرنسية لبلاده، مشيرا إلى النجاحات التي حققتها روسيا بإرساء الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى ودعمها أمنيا وسياسيا -بحسب وصفه -.. لافتا إلى أن أنظار المواطنين في مالي تتجه صوب موسكو لمساعدتها عوضا عن باريس التي فشلت في إرساء دعائم السلام والأمن في البلاد.
من جانبه قال المحلل السياسي من مالي الدكتور عبد الله ميغا، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" - إن انسحاب القوات الفرنسية من مالي سيكون له تأثير كبير على الوضع الأمني في منطقة الساحل الأفريقي بالكامل وليس في مالي فقط، لافتا إلى أن التنظيمات الإرهابية أصبحت تنشط في هذه المنطقة بصورة كبيرة.
وأوضح ميغا، أن عملية "برخان" حققت الكثير من النجاحات على صعيد مواجهة الإرهاب، إلا أن الانقلاب الأخير في مالي أدى إلى دفع الجانب الفرنسي إلى إعادة ترتيب أوراقه في منطقة الساحل من خلال إنهاء عملية "برخان"، والدعوة إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة الإرهاب.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قرر إنهاء عملية "برخان" الأمنية في منطقة الساحل في نهاية يونيو الجاري، وتشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهابيين في منطقة الساحل الأفريقي، فيما كشف مسؤول فرنسي عن أن ماكرون قرر خفض عدد القوات الفرنسية المشاركة في عملية "برخان" والتي يبلغ عددها 5100 جندي، وإعادة انتشار الوجود العسكري الفرنسي ليحقق الهدف الاساسي في مواجهة الإرهاب، وذلك بعد ثماني سنوات من الانخراط العسكري في هذه المنطقة.
جدير بالذكر أن عملية "برخان" التي بدأت عام 2014، حلت بديلا لعملية "سيرفال" التي أطلقها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند عملية "سيرفال" في يناير من عام 2013، وذلك بهدف التصدي لزحف المجموعات الإرهابية في شمال مالي ومنطقة الساحل الغربي لأفريقيا.