مجموعة من الأسئلة تُطرح بشأن المضامين الداخلية للمنصات الإعلامية الإخوانية، مع زيادة المداولات بشأن مصير المنصات الإعلامية الإخوانية العاملة في تركيا، وما قد تتخذه تركيا من خطوات لإيقاف تلك المنصات.
وإذا ما كانت تلك المضامين تتناسب مع المواثيق والمُحددات العمومية لحرية التعبير العالمية، التي تضع طيفا من المحددات المتعلقة بعدم اعتبار التحريض على العنف وزرع بذور الكراهية ونشر التهويل والشائعات، جزءا من حرية التعبير الإعلامية، بل جناية يُمكن محاسبتها قضائيا.
الخاصية الأكثر فاعلية لتلك المضامين، هي في الخلط المتعمد بين العبارات والأقوال والأمثلة ذات الهوية والطابع الديني، وبين المضامين والمحتويات السياسية المراد ترويجها عبر هذه المنصات، للاستفادة من المشاعر والمخيلة الدينية للقواعد الاجتماعي الأوسع من المتابعين.
وحسب الإعلامية سناء الحاج عبد الرحيم، التي تحدثت مع سكاي نيوز عربية، "فإن الوسيلة الإعلامية يجب أن تعتمد على العبارات والمصطلحات والمفاهيم الخاصة بمجال اختصاصها. مثلا ثمة فرق هائل في ذلك المجال بين القنوات الاقتصادية ونظيرتها الثقافية أو السياسية أو حتى الفنية والدينية، وذلك لإيصال مضمون إعلامي واضح ومتوافق مع هوية هذه القناة. أما المنصات الإخوانية، فدائما ما تملك ترسانة من الخطابيات والتعابير الدينية، تُستخدم بقصد للتأثير على مشاعر المتابعين العاديين".
سياسيا، فإن مضامين هذه المنصات تعتمد على رفض شرعية وبنية النظام السياسي للدولة التي يتم استهدافها، وليس فقط توجيه بعض الانتقادات والتحليلات حول سلوكيات وسياسات ذلك الطرف.
هذا الرفض يتحول بشكل ميكانيكي إلى آلية للتحريض السياسي والعقائدي الراديكالي تجاه المستهدفين، ودعوة مستبطنة للعنف، حسب أستاذ الإعلام السياسي مرعي العريبي، الذي شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية: "في القاموس السياسي المُستخدم في المنصات الإخوانية، ثمة تقسيم دائم للدول والأنظمة السياسية إلى دفتين متقابلتين تماما، تلك التي تراها شرعية ومحقة وتحيطها بكل أشكال الهالة والتقديس، والنظيرة التي تعتبرها فاقدة للشرعية فتطعن في كل ممارساتها وسلوكياتها وخياراتها".
لكن الميزة الأهم للمنصات الإعلامية الإخوانية حسب الباحث الإعلامي رؤوف الشحات، هو تكثيف كميات الأخبار المتداولة، وهي آلية تستهدف إغراق المتابعين بمجموعة ضخمة من المعلومات المنقولة، التي يصعب التأكد من مصداقيتها، وبالتالي تحقق مرادها في التأثير على المتلقي، ولو بشكل نسبي في البداية، لكنها تتمكن منه في المحصلة عبر مراكمة تلك المضامين.
الباحث الإعلامي شرح لـ"سكاي نيوز عربية" تلك الآلية الإعلامية الإخوانية بالقول: "حينما يحاول هذا الإعلام الترويج أو الدعاية لقضية ما، فإنه يبدأ بمقدمة غير صحيحة، كأن يُورد خبراً على سبيل المثال من وسيلة إعلامية تُركية، ثم يبني على ذلك الخبر مجموعة من التحليلات والتفسيرات والمضامين التي تبدو منطقية وتجذب المتفرج. لكن المعضلة هي في عدم دقة أو صحة الخبر الأساس".
الآلية الأخرى، حسب الخبير الإعلامي، تتعلق بتمركز برامج ومضامين وسائل الإعلام الإخوانية حول نمط "التوك شو"، وخلوها بالمقابل من أية أدوات أخرى، مثل البرامج الترفيهية والوثائقية والحوارية والدرامية والفنية.
وأوضح: "نمط (التوك شو) يتطابق مع البنية الفكرية والتنظيمية للجماعة، المعتمدة على آلية السمع والطاعة. فهذه البرامج المتخمة بروح التلقين الخطابي إنما تحول المتفرج إلى مجرد متلقف سلبي، متخلي عن أدوات المحاكمة العقلية والمشاركة الوجداني".