تعرض المقر المحلي لحزب الشعوب الديمقراطية التركي المؤيد لحقوق الأكراد، في منطقة كوناك في محافظة أزمير، أقصى غرب تركيا، لهجوم مسلح صباح الجمعة، مما أثار مخاوف بنشوب نزاع أهلي في البلاد.

وقال شهود عيان تواصل معهم موقع "سكاي نيوز عربية"، إن شخصا مسلحا ببندقية آلية دخل مبنى الحزب وصعد إلى الطابق الثاني وأطلق النار بشكل عشوائي، الأمر الذي أودى بحياة عضوة الحزب دينيز بويراز، فيما ألقت الشرطة التركية القبض على الفاعل.

وقال أعضاء الحزب الذين كانوا داخل المبنى لوسائل إعلام محلية، إن المُعتدي كان يصرخ بشعارات قومية "أنا أكره حزب العمال الكردستاني. ليس لي أي علاقة مع أي حزب سياسي تركي. أنا فقط أكرههم"، مشيرين إلى أنه يدعى أونور جينسر، وكان عاملا سابقا في المجال الصحي، وينحدر من نفس المنطقة التي جرى بها الحادث.

أخبار ذات صلة

تركيا.. مقتل امرأة في هجوم على مبنى حزب مؤيد للأكراد
السجن 2000 عام لضابط شرطة تركي بسبب كرة القدم

وتظهر صفحته على موقع "توتير" صورا وشارات لحزب الحركة القومية التركية المتطرفة، الشريك في التحالف الحاكم للبلاد، كما أن منشورات أخرى من صفحته تظهر مشاركته في الصراع المسلح داخل سوريا، من منطقة منبج بالتحديد.

حزب الشعوب الديمقراطية أصدر بيانا عاجلا حول الحدث، اتهم فيه السلطات التركية بالدفع نحو حدوث هذا الهجوم،قائلا: "نتيجة استهداف حزبنا من قبل الحزب الحاكم وقوى وزارة الداخلية لأشهر، حتى إن بعض العائلات والأشخاص قد تم تنظيمهم وتوجيههم أمام مباني مقرات حزبنا في المناطق لغرض الاستفزاز، تم تنفيذ هجوم مسلح على مبنى مقاطعة إزمير"، كذلك اتهم البيان السلطات الحاكمة بالتباطؤ في التدخل لوقف الهجوم، فـ"بينما كان المهاجم يطلق النار ويضرم النار في المبنى، لم تتدخل قوات الأمن لفترة طويلة".

منفذ الهجوم شارك في الحرب بسوريا

 بيان الحزب المؤيد للأكراد ربط الحدث بمجمل السياسة العامة الهادفة لإغلاق الحزب واعتقال قادته السياسيين التي تنفذ منذ شهور، بناء على أدعاء السلطات الحاكمة بأن حزب الشعوب الديمقراطية قد دعا لتظاهرات عارمة في البلاد أثناء هجوم تنظيم داعش على مدينة كوباني ذات الأغلبية الكردية في سوريا عام 2014.

ولأجل ذلك فإن المئات من قادة الحزب معتقلون منذ أعوام، بينما يخضع الحزب لمحاكمة قد تؤدي لإغلاقه تماما "نتيجة للممارسة الاستفزازية في قضية مؤامرة كوباني، فإن الهدف والرسالة من هذا الهجوم واضحة تماما: الذين نفذوا هذا الاستفزاز الخطير هم المحرضون على الحدث. الحكومة هي التي تستهدف حزبنا ومنظماتنا المحلية، ووزارة الداخلية هي التي توجه المحرضين".

الناشط السياسي الكردي فهمي نورداغ العضو في حزب الشعوب الديمقراطية، قال في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "يتشابه الهجوم الأخير على مقر حزبنا مئات الأمثلة الأخرى من الحوادث، حيث تقوم أجهزة القوة الحاكمة بالاستهداف الخطابي والسياسي بحق جماعة أو شخصية سياسية أو ثقافية ما في البلاد، بطريقة تشبه التكفير أو إهدار الدم، ثم ما تلبث هذه الجهة أن تتعرض لاعتداء مسلح".

ويضيف نورداغ: "حدث ذلك مع الكاتب الأرمني التركي هارانت دينغ، ومن قبله مع العديد من المثقفين الأكراد مثل موسى عنتر، وقبلهم كان ذلك يستهدف الشخصيات والقوى اليسارية والمثقفين العلويين أمثال عزيز نيسين. سيظهر ذلك بأوضح صوره خلال المحكمة الشكلية والقدر الفائق الذي سيلقاه الجاني أثناء عملية اعتقاله وسجنه".

وكتب البرلماني عن حزب الشعوب الديمقراطية مراد تشيبني، على صفحته في موقع "تويتر": "هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الهجوم، فقد تعرضت منظمة مقاطعة إزمير لهجوم من قبل، وقد وقع الهجوم رغم أن مبنى الحزب مقابل مركز الشرطة. كل التفاصيل تقول إنه هجوم منظم. نرى أن الحكومة تحاول إثارة العنصرية والقومية من خلال حزبنا، الحكومة تفكر في الخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه فقط بهذه الطريقة. في هذه المرحلة فإن القصر الجمهوري نفسه ووزارة الداخلية هما المسؤولان عن الهجوم".

وحول إمكانية أن يكون هذا الهجوم مؤشرا على إمكانية تصاعد العنف الأهلي في البلاد، خصوصا بين القوميين الأتراك والأكراد، قال الباحث التركي في الشؤون السياسية الداخلية أوندر دمير في اتصال مع "سكاي نيوز عربية": "تشهد تركيا منذ 5 سنوات أوسع استقطاب قومي في البلاد. فمنذ خسر حزب العدالة والتنمية لأغلبيته البرلمانية عام 2015 واندفع للتحالف مع حزب الحركة القومية المتطرفة، لم يبق موقع وسطي في البلاد، وصارت الخيارات محسومة بين أغلبية سكانية تركية قومية وأقلية كردية ملتفة حول حزب الشعوب الديمقراطية. والمشكلة أن حزب الشعب الجمهوري المعارض لا يقدم أي بديل أو عروض أقل استقطابا".

المعلقون على وسائل التواصل الاجتماعي قالوا إن خلق هذه الأشكال من الفوضى "آلية تقليدية للحزب الحاكم لإثارة العصبيات الأهلية أثناء مراحل فشل البرامج التنموية والسياسية".

لكن بعضهم أشار إلى أن "تلك الفوضى قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة، كما حدث في سبعينات القرن المنصرم أثناء الصراع بين القوى اليمينية واليسارية في البلاد، التي كانت في جوهرها صراعا أهليا داخليا".