تنقسم آراء الخبراء والمتابعين لقمة الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتن في جنيف بعد ساعات، والتي أثارت سلسلة مواقف مؤيدة ومعارضة في آن، خصوصا في صفوف أعضاء الكونغرس الأميركي، حيث أجمعت غالبية أعضائه الجمهوريين على أن حصول هذه القمة يشكل "خطأ شكليا" في حد ذاته.
وبعيدا عن المواقف السياسية، يقول قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية في واشنطن، وأبرزهم قادة البنتاغون ووزير الدفاع لويد أوستن، أن أكثر المواضيع التي ينبغي على بايدن أن يواجه نظيره الروسي بها، هي تلك المتعلقة بالجوانب الأمنية، والتي تحتل عمليات القرصنة الروسية مقدمتها، خاصة بعد سلسلة هجمات إلكترونية طالت شبكات معلوماتية تابعة للحكومة الأميركية في وزارات الخارجية والدفاع والأمن الوطني.
وقبل ساعات من لقاء بايدن بنظيره الروسي، طُرحت تساؤلات في واشنطن من قبل كثير من الخبراء والمتابعين، بشأن ما يمكن أن تُفضي إليه القمة، وعما إذا كان متوقعا من بايدن أن يسلك مقاربة قاسية مع بوتن حيال ملفات أمنية لا تتردد الولايات المتحدة باتهام موسكو بها.
ويرى الخبير في السياسات الخارجية بمؤسسة "هيريتدج" بواشنطن، نيل غاردنير، أن العلاقات الأميركية الروسية "في حالة تدهور مستمر منذ أعوام، وتحديدا منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014، ناهيك عن تدخلها المباشر، بحسب تقارير أميركية، في انتخابات 2016 الرئاسية، وهندستها عمليات قرصنة إلكترونية استهدفت مرارا الحكومة الأميركية".
ويقول في حديث خاص إلى موقع "سكاي نيوز عربية": "لا أتوقع أي شيء إيجابي من هذه القمة. فكرة أن يجلس بايدن مع بوتن وجها لوجه سيئة للغاية، فبوتن لديه أجندة توسعية ويتوقع أن يقدم بايدن تنازلات سياسية. كما أن الرئيس الروسي يتعاطى بفوقية ويعتبر أن روسيا قوة عظمى، لكنها ليست كذلك".
وتكشف مصادر في إدارة بايدن، أنها تريد علاقات "أكثر استقرارا مع موسكو، علاقات يمكن التنبؤ بمستقبلها من دون أن تحمل عدائية في التعاطي مع واشنطن، خصوصا في ملف الأمن السيبيراني ومسائل نزاعات دولية مرتبطة بأوكرانيا وسوريا".
وفي هذا المجال، يقول المدير التنفيذي لموقع "ديفانس وان" بواشنطن، كيفين بارون: "أعتقد أن أهم شيء في القمة هو القمة نفسها، إذ ترغب إدارة بايدن في إيصال رسالة مباشرة لبوتن بأنها مختلفة عن إدارة ترامب، وأنها لن تتغاضى عن سياسات الكرملين"، معتبرا أن "وضع حد للهجمات المعلوماتية الروسية يمثل رأس الأولويات".
وما يقلق واشنطن ومجتمعها الأمني ليس فقط هجمات الفدية الأخيرة على شركات أميركية، إنما "سجل بوتن السيء في التعاطي مع حقوق الإنسان، والذي يتمثل بتسميمه وسجنه شخصيات معارضة بارزة في روسيا، ودعمه حملات قمع وحشية ضد المتظاهرين في بيلاروسيا، فضلا عن سياساته في سوريا"، حسب تقارير أميركية.
كل ذلك، بحسب مراقبين، يجعل من التقارب الأميركي – الروسي مهمة صعبة بشكل عام، ويضع ضغطا على بايدن من الجمهوريين، لأن المقارنة بين هذه القمة والتي سبقتها مع الرئيس السابق دونالد ترامب ستكون حاضرة وبقوة.
وأشارت تقارير أميركية إلى أن "التوقعات والمطالب في أوساط الكونغرس هي أن على بايدن أن يكون أكثر صرامة مع بوتن، فالقلق من سلوك الرئيس الروسي كبير ومخيف، والجميع مقتنع في دوائر الحكومة الأميركية الأمنية والسياسية في آن، بأن الكرملين مستمر في انتهاج سياسات عدائية تزيد من التوتر بين البلدين".
من المؤكد أن الجميع في واشنطن ينتظر هذه القمة، والتي ستترتب عليها تداعيات على المستوى الداخلي الأميركي، التي يمكن أن يستغلها خصوم بايدن لتوجيه الانتقادات إليه، على أساس أنه "فشل" في تحقيق أي تقدم في العلاقات مع موسكو.