كشف أكبر مسؤول سابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، مساء الخميس، أن إسرائيل تقف وراء الهجمات الأخيرة التي استهدفت برنامج إيران النووي وعالم عسكري.
فقد قدم رئيس "الموساد" الإسرائيلي المنتهية ولايته، يوسي كوهين، ما يعتقد أنه أقرب اعتراف إلى أن بلاده كانت وراء تلك الهجمات.
وتمثل تصريحات كوهين، التي أدلى بها في حديثه إلى البرنامج الاستقصائي بالقناة 12 الإسرائيلية "يوفدا"، أي "الحقيقة"، في مقطع تم بثه ليلة الخميس، بيانا استثنائيا من قبل الموساد، لما يبدو أنه الأيام الأخيرة من حكم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
كما وجه تحذيرا واضحا لعلماء آخرين في البرنامج النووي الإيراني بأنهم قد يصبحون أيضا أهدافا للاغتيال حتى في الوقت الذي يحاول الدبلوماسيون في فيينا التفاوض على شروط لمحاولة إنقاذ اتفاق إيران النووي مع القوى العالمية، وفقا لما ذكرته الأسوشيتد برس.
وقال كوهين: "إذا كان العالِم على استعداد لتغيير مهنته ولن يؤذينا بعد الآن، فنَعم، نحن نقدم لهم أحيانا" مخرجا.
من بين الهجمات الرئيسية التي تستهدف إيران، كان هجومان هما الأعمق بتفجيرين خلال العام الماضي استهدفا منشأة نطنز النووية، التي تقوم أجهزة الطرد المركزي فيها بتخصيب اليورانيوم من قاعة تحت الأرض مصممة لحمايتها من الضربات الجوية.
في يوليو 2020، مزق انفجار غامض مجموعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة في نطنز، والتي ألقت إيران باللوم فيها على إسرائيل، ثم في أبريل من هذا العام، دمر انفجار آخر إحدى قاعات التخصيب تحت الأرض.
وأثناء مناقشة نطنز، سألت المحاورة كوهين إلى أين سيأخذهم إذا كان بإمكانهم السفر إلى هناك، فقال "إلى القبو" حيث "كانت أجهزة الطرد المركزي تدور".
واستطرد قائلا: "لا يبدو أنها تشبه ما كانت تبدو عليه"، في إشارة إلى تدميرها وتعطلها بعد الهجمات.
ورغم هذه التصريحات، الأولى من نوعها، فإن كوهين لم يعلن بشكل مباشر عن الهجمات، لكن خصوصية منصبه قدمت أقرب اعتراف حتى الآن بوجود يد إسرائيلية في الهجمات.
وكما يبدو أن المحاورة، إيلانا ديان، قدمت وصفا مفصلا في تعليق صوتي لكيفية قيام إسرائيل بإدخال المتفجرات خلسة إلى قاعات نطنز تحت الأرض.
وقالت ديان: "يتضح أن الرجل المسؤول عن هذه التفجيرات حرص على تزويد الإيرانيين بالأساس الرخامي الذي توضع عليه أجهزة الطرد المركزي.. وأثناء قيامهم بتثبيت هذا الأساس داخل منشأة نطنز، لم يكن لديهم أي فكرة أنه يحتوي بالفعل على كمية هائلة من المتفجرات"، بحسب الأسوشيتد برس.
اغتيال عالم نووي إيراني
وفي البرنامج، ناقشت المحاورة ورئيس الموساد السابق مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، الذي بدأ برنامج طهران النووي العسكري منذ عقود، في نوفمبر الماضي.
وتعتقد وكالات الاستخبارات الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تخلت عن هذا الجهد المنظم في السعي للحصول على سلاح نووي في عام 2003.
وفي حين أن كوهين لم يدع أمام الكاميرا مسؤولية وكالته عن قتل زاده، وصفت ديان في المقطع كوهين بأنه "وقع شخصيا على الحملة بأكملها"، كما وصفت ديان كيف قُتل فخري زاده بمدفع رشاش مثبت في شاحنة صغيرة يعمل عن بعد، ثم دمر نفسه لاحقا.
وتحدث كوهين عن محاولة إسرائيلية لثني علماء إيرانيين عن المشاركة في البرنامج النووي، والتي شهدت تخلي البعض عن عملهم بعد تحذير إسرائيل، حتى بشكل غير مباشر.
وردا على سؤال من المحاورة عما إذا كان العلماء يفهمون الآثار المترتبة إذا لم يتوقفوا، قال كوهين: "إنهم يرون أصدقاءهم".
كما تحدثا عن عملية استولت فيها إسرائيل على وثائق أرشيفية من برنامج إيران النووي العسكري، رغم أن إيران دائما ما كانت تعبر عن سلمية برنامجها النووي.
وقالت ديان إن 20 عميلا، ليسوا إسرائيليين، صادروا مواد من 32 خزانة، ثم قاموا بمسح ونقل جزء كبير من الوثائق، بينما أكد كوهين أن الموساد تلقى معظم المواد قبل إخراجها فعليا من إيران.
ودافع رئيس الموساد السابق عن قرار نتانياهو بالإعلان عن نتائج العملية، متعارضا مع سياسة السرية طويلة الأمد التي تحيط بأنشطة الموساد.
وقال كوهين "كان من المهم بالنسبة لنا أن يرى العالم هذا، لكن هذا الشيء يجب أن يتردد صداه أيضا لدى القيادة الإيرانية، ليقول لهم، ’أصدقائي الأعزاء: أولا، لقد تم اختراقكم. ثانيا، نحن نراكم.. ثالثا، عصر الأكاذيب ... انتهى‘".
يشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعمل بموجب سياسة دامت عقودا تتطلب من الصحفيين الموافقة على القصص التي تنطوي على مسائل أمنية من خلال الرقابة العسكرية، ومن الواضح أن تصريحات كوهين تظهر أن الرقابة تشير إلى أن إسرائيل تريد إصدار تحذير جديد لإيران وسط مفاوضات فيينا النووية.
واشتكت إيران مرارا من هجمات إسرائيل، حيث حذر سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كاظم غريب أبادي، مؤخرا يوم الخميس من أن الحوادث "لن يتم الرد عليها بشكل حاسم فحسب، بل أيضا بالتأكيد لن تترك خيارا لإيران سوى إعادة النظر في إجراءات الشفافية وسياسة التعاون".
لم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على الفور على طلب للتعليق على تصريحات كوهين، الذي حل محله العميل السابق ديفيد بارنيا.
وأقر كوهين في المقابلة أنه قد يسعى في يوم من الأيام إلى منصب رئيس الوزراء بنفسه.