قبل يومين، علق الاتحاد الإفريقي عضوية مالي في مالي، احتجاجا على الانقلاب العسكري الذي وقع فيها، في خطوة اعتبرها محللون ماليون "انتقائية"، خاصة مع إحجام الاتحاد نفسه عن اتخاذ أي موقف مماثل تجاه ما حصل في الجارة تشاد، رغم تطابق الظروف تقريبا، كما يقولون.

وجاء موقف الاتحاد الإفريقي بعدما أعلنت حكومة مالي أن مراسم تنصيب الكولونيل أسيمي جويتا رئيسا للبلاد ستجري الاثنين المقبل.

وجويتا، نائب الرئيس السابق، أعلنته المحكمة الدستورية رئيسا انتقاليا عقب الانقلاب العسكري الثاني الذي تشهده البلاد خلال 9 أشهر.

وأوردت الحكومة المالية على حسابها على موقع "فيسبوك"، الخميس، مذكرة تدعو السفراء ومدراء المنظمات الدولية إلى حضور مراسم التنصيب الاثنين عند الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش.

ويتوقع أن تسرع هذه المراسم تعيين رئيس للوزراء وهو من مطالب المجتمع الدولي الذي يشترط أن يكون مدنيا.

وكان الجيش ألقى القبض على الرئيس المؤقت باه نداو، ورئيس الوزراء مختار عوان، الأسبوع الماضي وضغط عليهما كي يستقيلا.

تداعيات سياسية واقتصادية

وعلى أثر ذلك، علق الاتحاد الإفريقي، عضوية مالي، مهددا بفرض عقوبات إذا لم تعد الحكومة التي يقودها مدنيون إلى السلطة.

ويرى مراقبون أن قرار الاتحاد القاري سيؤثر على الأوضاع السياسية والاقتصادية وربما لا تتمكن البلاد من إجراء استحقاقات المرحلة الانتقالية التي تنتهي العام المقبل.

وأتت هذه التطورات في وقت يخشى فيه جيران مالي والقوى الدولية من أن يؤدي التمرد الأخير إلى تقويض قتال متطرفين، يتمركز بعضهم في صحراء شمال البلاد.

المحلل السياسي المالي، عبدالله سيدبي، قال إن قرار تعليق عضوية مالي أضر ضررا كبيرا في اقتصاد البلاد التي لا تزال غير مستقرة منذ وقت طويل.

أخبار ذات صلة

بعد الانقلاب.. تعليق عضوية مالي في الاتحاد الأفريقي
المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا تعلق عضوية مالي
مالي.. إعلان غويتا قائد الانقلاب رئيسا مؤقتا للبلاد
دان اعتقال الرئيس..مجلس الأمن يطالب جيش مالي بالعودة للثكنات

ويوضح سيدبي في  مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، بأن السلطات الانتقالية قبل إقالة الرئيس باه انداو كانوا يتفاوضون مع الشركاء الدوليين لجمع الأموال اللازمة للانتخابات المقبلة (الرئاسية، والتشريعية ، والبلدية ، والاستفتاء الدستوري)، وبهذا التعليق لن يصل قروض من بنوك الاتحاد ولا من فرنسا وأميركا اللتين ستلتزمان أيضا بقرارات التكتل الإفريقي

وهذا يعني، وفق المحلل السياسي، أن الانتخابات الرئاسية المعلنة عنها في شهر مارس 2022 قد لا تتم، مما قد يؤدي إلى اندلاع أزمة سياسية لا تحمد عقباها.

وقبل أيام كان من المفترض تعيين رئيس البرلمان الإفريقي (مقره في جنوب أفريقيا) وكانت مرشحة جمهورية مالي النائبة عائشة سيسى هي الأقوى، إلا أنها خسرت الفرصة بسبب حال دولتها ، وكل هذا يضعف موفق مالي في في نطاق القارة.

سياسة انتقائية "غير مبررة"

ويرى الباحث في الشأن الإفريقي محمد كريم أن قرار تعليق عضوية مالي في الاتحاد الإفريقي خطوة روتينية لا يتوقع أن تحدث فارقًا في مسار التحولات السياسي الحالية في مالي.

ويستدل كريم في حديثه لموقع"سكاي نيوز عربية" بأن قرار مجلس السلم والأمن والإفريقي بمعاقبة الدول التي تشهد انتقالا غير سلمي للسلطة أصبحت من الأدوات الأقل تأثيرا في الضغوط الخارجية، لا سيما وأنها باتت تتميز بالانتقائية.

وأضاف أن تجميد عضوية مالي "جاء بعد أسابيع من تنصيب الجيش في تشاد لمحمد إدريس ديبي، نجل الرئيس المقتول إدريس ديبي، حاكما للبلاد، بطريقة غير دستورية، وحتى دون وضع خارطة طريق ديمقراطية على المدى المتوسط، ورغم ذلك لم يتم تعليق عضوية تشاد".

ولا يقتنع كريم بالرأي القائل إن عدم تعليق عضوية تشاد سببه المخاوف الدولية من سيطرة جماعات إرهابية أو متمردة على البلاد، حيث يرى أن نفس الحال هو في مالي التي تنفق بها الأمم المتحدة 1.2 مليار دولار لجهود حفظ السلام بها.

وعلقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) عضوية مالي يوم الأحد.

وللمفارقة، فإن دول غرب إفريقيا هي الأكثر نصيبا في حدوث الانقلابات العسكرية منذ خمسينات القرن الماضي، وخصوصا بوركينافاسو، ونيجيريا وسيراليون وغانا وبنين.

ولا يقتصر اختلاف المواقف تجاه الانقلابات العسكرية على الاتحاد الإفريقي، ففرنسا التي احتجت على الانقلاب الأخير في مالي، أيدت انتقال السلطة إلى مجلس عسكري في دولة تشاد إبريل الماضي.