لم يكن مفاجئا فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في تشكيل الحكومة خلال المدة القانونية المقررة منذ تكليفه، بالنظر إلى صعوبة وتعقد المشهد السياسي داخل إسرائيل، ومع التطلعات السياسية الواسعة لمنافسيه وخصومه والاختلافات الأيديولوجية.
وأدت تلك العوامل إلى فشل نتانياهو في تشكيل حكومة ائتلافية، وبالتالي -وكما كان متوقعا إلى حد كبير- كلّف الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، زعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد، بتشكيل حكومة.
لابيد الذي دخل المعترك السياسي بشكل مباشر عام 2012 بعد عمله كمذيع تليفزيوني، تواجهه مهمة ليست بالسهلة في طريق تشكيل الحكومة، فيما يعتقد مراقبون بأن فرصه أفضل من الفرص التي أتيحت لنتانياهو خلال الـ28 يوما الماضية.
ومن المتوقع أن يعتمد لابيد في مفاوضاته لتشكيل الحكومة على خصوم نتانياهو. ولهذا السبب سيكون الأوفر حظا للعب دور الرجل الثاني في مفاوضات الائتلاف الحكومي التي سيقوم بها رئيس الوزراء المكلف، هو وزير الدفاع السابق نفتالي بينيت، وهو زعيم حزب "يمينيا" اليميني، الذي فاز بسبعة مقاعد بالكنيست.
وأمام لابيد 28 يوما من أجل تشكيل حكومة جديدة، بعد أن عبر 56 نائبا عن دعمهم لترشيحه، وفق ما أكده الرئيس الإسرائيلي في خطاب إعلان تكليفه لزعيم حزب "هناك مستقبل" مساء الأربعاء.
وتعهد لابيد -في بيان له فور تكليفه- بالعمل "في أسرع وقت" على تشكيل حكومة تعكس تعاون اليمين واليسار والوسط، في مواجهة التحديات القائمة.
حظوظ لابيد
وعلى رغم تعدد السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة، تظل حظوظ لابيد قائمة وليست ضعيفة، بحسب تحليل أستاذ اللغة العبرية عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أحمد أنور، للمشهد السياسي في إسرائيل.
ويقول أنور في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "لابيد سيركز في مفاوضاته بشكل كبير على عدم الرغبة في التوجه لانتخابات جديدة، تكون الخامسة خلال عامين".
ويشير الخبير بالشأن الإسرائيلي إلى أن لابيد "سيعتمد على خصوم نتانياهو، وسيستخدم فشل الأخير في إدارة ملف كورونا بشكل خاص (..) ذلك أن نتانياهو يبدو ظاهريا قد نجح، لكن بالمقارنة مع دول متقاربة في عدد السكان، لجهة حجم الإصابات والوفيات، لا يكون الموقف في صالحه".
هذه الملفات وغيرها من الملفات الأخرى، لا سيما الاقتصادية، وكذا بالنظر لقضايا الفساد المتهم فيها نتانياهو، يعتقد أنور بأنها "تجعل التوجه الأساسي في تشكيل الحكومة يعتمد اعتمادا كبيرا ليس على معيار اليمين واليسار كما هو معتاد من قبل، وإنما معيار الرغبة في الإطاحة بنتانياهو نفسه من رئاسة الوزراء".
قضايا اجتماعية
ويعتقد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، بأن زعيم حزب "هناك مستقبل" يستند على "قضايا اجتماعية وليست سياسية، مما يعني أنه سيكون أقرب لإحداث توافق في مسألة تشكيل الحكومة".
وأوضح أن "فرص تشكيل الحكومة متاحة بشكل كبير، خاصة إذا ما نجح في استقطاب بينيت.. إضافة إلى سعي لابيد لاستقطاب ليبرمان والمجموعة التي ترتكز على أصوات المهاجرين من أصل روسي، وبالتالي تظل هناك فرصة كبيرة أمام لابيد للإطاحة بنتانياهو (الذي قاد خمس حكومات منذ عام 1996 كأطول الزعماء السياسيين شغلا للمنصب في إسرائيل)".
وسبق لنتانياهو أن عرض على بينيت التناوب في حكومة ائتلافية، لكن الأخير قال إنه لا يعتقد بأن الأول "قادر على تشكيل ائتلاف قابل للاستمرارية والحياة"، بينما صرح مؤخرا بأنه "لا يستبعد إمكانية الانضمام لائتلاف حكومي مع لابيد".
من جانبه، عبر لابيد في وقت سابق عن استعداده لتقاسم الحكومة -بالتناوب- مع بينيت، ليقود الأخير رئاسة الوزراء في أول عامين.
ائتلاف هش
لكن ومع اعتقاده بأن الاحتمال الأرجح يتمثل في نجاح لابيد في تشكيل الحكومة، فإن الخبير بالشؤون الإسرائيلية، يلفت في معرض حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن الحكومة في هذه الحالة ستكون "حكومة ضيقة مبنية على ائتلاف هش"، على اعتبار أنه "لا أحد يستطيع تشكيل حكومة قوية إلا إذا تحالف مع نتانياهو نفسه، وهو تحالف غير قائم على أسس منطقية".
أما الاحتمالات الأضعف، فهي مرتبطة بفشله في تشكيل الحكومة، ومن ثم التوجه لإجراء انتخابات جديدة. فضلا عن سيناريو افتراضي آخر مرتبط بتعديل قانون الانتخابات -كما يدعو نتانياهو- لإجراء انتخابات مباشرة على شخص رئيس الوزراء.
وبحسب القانون الإسرائيلي، يقوم عضو الكنيست الذي أوكل من قبل الرئيس بمهمة تشكيل الحكومة خلال 28 يوما. ويسمح القانون للرئيس بتمديد الفترة لفترات أخرى، شرط ألا تتجاوز 14 يوما.
ولابيد، شغل لأول مرة عضوية الكنيست عام 2013 بعد أن حصل حزبه حديث العهد آنذاك على 19 مقعدا (في مفاجأة انتخابية وقتها)، مما مكنه من الدخول في ائتلاف حكومي مع نتانياهو، شغل لابيد بموجبه منصب وزير المالية.
لكن الحكومة لم تدم طويلا (من 18 مارس 2013 وحتى الأول من ديسمبر 2014) بعد إقالة نتانياهو لوزيري المالية والقضاء، ومن ثم حل الائتلاف والإعلان عن انتخابات جديدة في مارس 2015.