قبل أيام، أعلن حزب الخضر الألماني ترشيح أنالينا بيربوك، (40 عامًا)، لمنصب مستشارية ألمانيا خلفًا لإنجيلا ميركل، ليتحول الحزب الذي وصم طويلًا بالفوضوية إلى حزب ينافس على السلطة العليا في البلاد.
ومنذ تأسيس حزب الخضر في ألمانيا الغربية عام 1980، واندماجه مع حزب الخضر الألماني الشرقي بعد إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990، لم تتح له فرصة جدية للمنافسة على المنصب الأهم في ألمانيا الاتحادية؛ لكن الحزب يحظى بفرص جيدة في استطلاعات الرأي حول الانتخابات البرلمانية المقبلة في سبتمبر.
وابتداءً من يناير 2018، شارك كل من أنالينا بيربوك وروبرت هابك في قيادة حزب الخضر، الذي يشغل حاليًا 67 مقعدًا من أصل 709 مقعدًا في البرلمان الألماني، وهو الأصغر بين المجموعات البرلمانية الست، بعد أن فاز بنسبة 8.85 في المئة من الأصوات في الانتخابات الفيدرالية لعام 2017.
فرص وإشادات
شريك بيربوك في قيادة حزب الخضر روبرت هابك، كان له طموح جارف نحو المستشارية، عكسه في تصريحات لصحيفة "دي تسايت" الأسبوعية الألمانية ذائعة الصيت، قال فيها: "لا يوجد شيء أريده أكثر من خدمة هذه الجمهورية كمستشار". لكنها في الأخير تراجع وترك الساحة لشريكته تنافس المحافظين.
وبحسب مجلة "دير شبيغل"، فقد حظيت بيربوك بإشادة من فولكر كاودر رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي الديمقراطي السابق، وواحد من أقرب مساعدي أنغيلا ميركل، إذ قال إن أسلوب عملها لا يختلف عن أسلوب ميركل، "مستعدة دائمًا وموجهة نحو الهدف وتعرف ما تريده، في الوقت نفسه، فهي على استعداد لتقديم تنازلات عندما ترى أن قضية معينة مهمة لشخص ما."
ليست الإشادات أو التنازلات وحدها التي تدفع إلى النجاح، لكن ما يعزز فرص بيربوك أكثر من أي وقت مضى، هو تراجع شعبية المحافظين على خلفية جائحة كورونا، فتهاوت من 40 في المئة الصيف الماضي إلى أقل من 30 في المئة في آخر الاستطلاعات، مما يقلص الفجوة بين المحافظين والخضر الذي يحظى برضا 22 في المئة من الألمان.
ووفقًا للاستطلاعات الأخيرة، أيضًا بقيت شعبية حزب يسار الوسط، الاشتراكيين الديمقراطيين، تتراوح ما بين 15 إلى 20 في المئة، بينما حظيت باقي الأحزاب بحدود عشرة بالمئة من آراء الألما.
ومن المرجح أن تُنافس أنالينا بيربوك، على منصب المستشارية، أرمين لاشيت، مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وأولاف شولتز، عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
فرص ضعيفة
السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، ونائب السفير المصري في ألمانيا سابقًا، يرى أن صعود بيربوك الأخير ليس كافيًا على الإطلاق للوصول إلى منصب المستشارية؛ إذ يقول إن فرصها تبدو ضعيفة أمام رصيد تاريخي للمحافظين.
ويوضح بيومي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه من خلال معرفته بالسلوك المحافظ للشعب الألماني، فإنه يستبعد أن تصل بيربوك لمنصب المستشارة؛ لافتًا إلى أن برغم مما تعكسه استطلاعات الرأي فإنه يرى أن حزب الخضر ما يزال ضعيفًا إلى درجة كبيرة.
ويتابع "في حالة نجاح حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في توحيد صفوفه خلال الفترة القادمة، فقد يتم يؤثر ذلك في النتائج النهائية، فللحزب المسيحي مكانة كبيرة في وجدان الألمان".
ويذكر الدبلوماسي المصري بدورين هامين لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في تاريخ ألمانيا الحديث، الدور الأول تصدي كونراد أديناور أول مستشار لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لرغبة الحلفاء في تقسيم ألمانيا لتسع ولايات، والنهوض بألمانيا من جديد.
أما الدور الثاني للحزب، فهو ما فعله هلموت كول في توحيد ألمانيا الفيدرالية عام 1990، عقب سقوط جدار برلين، وبحسب الدبلوماسي المصري، فإن هذه الأدوار التاريخية تمثل سمعة الحزب المسيحي في ألمانيا وتكسبه ثقله، وهو ما يجعله الأقدر على القيادة.
ويختتم السفير جمال بيومي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، بالتأكيد على أن بيربوك ربما يكون أمامها فرصة للفوز بالمستشارية، لكنها فرصة صغيرة، وتتوقف على التطورات في الفترة القادمة.
تجدر الإشارة إلى أن أنالينا بربوك تم انتخابها عضو في البوندستاغ (البرلمان الألماني) عن ولاية براندنبورغ منذ عام 2013، من عام 2012 إلى عام 2015، وكانت عضوًا في مجلس حزب التحالف 90 / الخضر، ومن 2009 إلى 2013، زعيمة مجموعة حزبها الحكومية في براندنبورغ.
ودرست بربوك العلوم السياسية والقانون العام في جامعة هامبورغ من عام 2000 إلى عام 2004، وتخرجت بدرجة الماجستير في القانون الدولي العام من كلية لندن للاقتصاد في عام 2005، وأكملت تدريبها في المعهد البريطاني للقانون الدولي والمقارن.