في الذكرى السادسة بعد المئة للإبادة الجماعية المليونية للأرمن، على يد العثمانيين الأتراك، أعترف الرئيس الأميركي جو بايدن، بتلك الإبادة في إعلان تاريخي طال انتظاره بحسب الأوساط الرسمية والشعبية الأرمنية حول العالم.
ولاقى هذا الاعتراف الأميركي الترحيب خاصة، من قبل الأرمن حول العالم في أرمينيا، وفي مختلف مناطق تواجدهم، حيث ينتشر الشتات الأرمني في كل مكان.
يقول آرشاك بولاديان السفير فوق العادة في وزارة الخارجية الأرمنية، وهو سفير يريفان في كل من المغرب وتونس، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" :"نرحب أشد الترحيب بالإعلان الأميركي، وهو اعتراف رسمي من الولايات المتحدة الأميركية، بالإبادة الأرمنية بعد 106 أعوام على وقوعها، ونثمن هنا الموقف الأميركي المتضامن مع عدالة القضية الأرمنية، وفي إدانة هذه الجريمة العظمى بحق الأرمن والإنسانية جمعاء على يد العثمانيين الأتراك، والتي هي أول إبادة جماعية بهذا الشكل المليوني في التاريخ البشري، رغم إنكار الأنظمة التركية المتعاقبة لها، ونحن نأمل أن يدفع هذا الاعتراف ويشجع، مختلف دول العالم على حذو الحذو الأميركي".
ويضيف بولاديان:"ونتمنى أن يقود الاعتراف الأميركي، لاعتراف أممي ودولي ولإنصاف الضحايا، وتعويضهم معنويا وماديا".
ويضيف الدبلوماسي الأرمني الرفيع، الذي شغل منصب سفير بلاده في الكثير من الدول العربية، في حواره مع "سكاي نيوز عربية" :"ونحن نعكف على دراسة الموقف والتواصل مع مختلف الأرمن حول العالم، لبحث الخطوات القادمة وهنا نتقدم بالشكر الجزيل للعمل العظيم، الذي قام به أبناء الشتات الأرمني حول العالم، خاصة في الدول الأوروبية والأميركيتين، في سبيل إنجاز وإنضاج هذا الاعتراف الأميركي التاريخي".
ويقول هيمن مام رش رئيس جمعية الصداقة الكردية - الأرمنية، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "منذ مدة طويلة تدور مناقشات ومداولات، حول الإقرار الرسمي في الولايات المتحدة الأميركية بالإبادة الجماعية الأرمنية، خاصة وأن الكونغرس كان قد تبنى هذا التوصيف عام 2019، وبقي أن يعتمده البيت الأبيض، فكل الرؤساء الأميركيون كانوا أثناء حملاتهم الانتخابية يتعهدون بالاعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية، باستثناء دونالد ترامب لكنهم بعد الوصول للبيت الأبيض، ونتيجة جملة عوامل ومصالح سياسية واقتصادية، وبحكم التحالفات الدولية، كانوا يترددون عن المضي في الاعتراف بالإبادة تلك، وكانت تتم المماطلة لحد انتهاء ولاياتهم الرئاسية".
ويكمل: " ساد التوقع أن ينسحب ذلك على وعود بايدن أيضا في هذا الصدد، لكن بفعل سياسات تركيا العدوانية وعزلتها إقليميا ودوليا، مالت الكفة لصالح مضي بايدن في تنفيذ وعده الانتخابي هذا، ولكبح التمادي التركي في نشر الفوضى والقلاقل، ودعم الإرهاب ورعايته في منطقة الشرق الأوسط، وحتى في أوروبا، عبر هذا الإقرار التاريخي".
ويتابع :"منافع وإيجابيات هذا الإعلان في الداخل الأميركي لا تحصى، منها أنه سيتم إدراج موضوع الإبادة الجماعية الأرمنية، ضمن المناهج الدراسية والتعليمية في المدارس والجامعات الأميركية وهذا مهم جدا، وسيدفع الإعلان بايدن للإيعاز للخارجية الأميركية، باعتماد سياسة مختلفة مع أنقرة على ضوء هذا القرار، وما يترتب عليه من تغيير أسلوب التعاطي الدبلوماسي معها، وستكر إثر هذا الإعلان الأميركي ولا ريب، سبحة الاعترافات حول العالم بالإبادة الجماعية للشعب الأرمني، حيث الكثير من الدول كانت تنتظر إقدام واشنطن على هذه الخطوة، كي تبادر هي أيضا للاعتراف بها، وأتوقع هنا أن تقر إسرائيل مثلا بالإبادة الأرمنية، وغيرها العديد من الدول وهذا كله يشكل ضربة قاصمة لأنقرة".
ويضيف: "على الصعيد الداخلي الأرمني، سيشكل الإعلان دافعا لتخفيف حدة الانقسامات المهيمنة على المشهد السياسي المتوتر في أرمينيا، على قاعدة الالتقاء حول أن ثمة اهتماما أميركيا بالموضوع الأرمني، وما يجب عمله حيال ذلك من قبل الأرمن أنفسهم، للتفاعل مع هذا التوجه الأميركي، الأمر الذي سيسهم في رأب الصدع الأرمني، وتحقيق التقارب بين مختلف القوى السياسية في البلاد".
ويستطرد مام رش: "هذا الإعلان أكبر هزيمة دبلوماسية لتركيا، فهي ما فتئت تعمل بشتى السبل على ألا تعترف واشنطن بالإبادة الأرمنية وفشلت فشلا مدويا في المحصلة، وهو تطور سيدفع لتحفيز وتقوية المعارضة والنقمة الشعبية داخل تركيا على النظام، خاصة بين المكونات القومية والدينية والمذهبية المختلفة، من الكرد إلى الشركس والعلويين والعرب، فالكرد مثلا الآن سيتحدثون بصوت أعلى عن الإبادات التركية، بحقهم وبحق الأرمن".
ويضيف رئيس جمعية الصداقة الكردية - الأرمنية، الذي تحدث مع "سكاي نيوز عربية" من العاصمة الأرمنية يريفان: "حتى الأحزاب التي شكلها منشقون كبار عن حزب العدالة والتنمية، كأحمد داوود أوغلو وعلي بابا جان بعد هذا الإعلان ستقول: هل عرفتم الآن لماذا تركنا حزب أردوغان، أنظروا ماذا فعلت سياساته بتركيا، فالإعلان الأميركي سيدخل تركيا والحال هذه، في دوامة لا متناهية من المآزق الوجودية داخليا وخارجيا، وسيعطي دفعة للناس على اختلاف تلاوينهم في تركيا، لرفع صوتهم في وجه سياسات النظام، التي تكاد تدمر البلاد، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وعلاقات دولية وفي كل مجال".