انضمت السنغال، اليوم الاثنين، إلى ركب الدول الإفريقية والعربية التي افتتحت قنصليات عامة لها بالأقاليم الجنوبية من المغرب، والتي توزعت بين مدينتي الداخلة والعيون.
واختارت السنغال التي تتواجد جالية مهمة من أبنائها بالجنوب المغربي، مدينة الداخلة لفتح قنصلية عامة لها.
وترأس مراسيم افتتاح القنصلية حسب ما نقلت وكالة المغربي العربي للأنباء، ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وعيساتا تال سال وزيرة الشؤون الخارجية والسنغاليين بالخارج.
وترفع قنصلية السنغال التي تم افتتحها اليوم، عدد التمثيليات الدبلوماسية للدول الأفريقية والعربية في الإقليم، إلى 21 قنصلية، موزعة بين 11 بمدينة العيون، و10 بمدينة الداخلة، في انتظار استكمال الاجراءات اللازمة لافتتاح قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية بالداخلة.
السنغال-المغرب.. علاقة تاريخية قوية
وتجمع بين الرباط ودكار، علاقات اقتصادية وسياسية وروحية مثنية، تعد نموذجا للتعاون جنوب جنوب، وقد شكلت زيارة العاهل المغربي لهذا البلد الإفريقي سنة 2001، دفعة قوية للعلاقات بين البلدين في شتى المجالات.
وكانت السنغال من بين الدول التي رفضت بشدة انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفرقية، احتجاجا على قبول هذه الأخيرة عضوية "جبهة البوليساريو" سنة 1984.
كما تعتبر السنغال من الدول الداعمة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل عادل ودائم لتسوية نزاع الصحراء، وكانت قد شاركت إلى جانب 40 دولة، بداية هذه السنة في المؤتمر الوزاري الذي نظم بشراكة مع الولايات المتحدة، من أجل دعم الرباط في الطرح الذي تقدمه كحل وحيد لقضية الصحراء.
ويعتبر المحلل السياسي العمراني بوخبزة، أن قرار السنغال فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية للمغرب، يحمل في طياته أكثر من رسالة، حيث تعتبر هذه الدولة الإفريقية من الدول الداعمة بشكل دائم ومتواصل للمصالح والقضايا المغربية.
وهو الموقف الذي ظل حسب بوخبزة، ثابتا رغم التناوب السياسي على هرم السلطة في هذا البلد الإفريقي، حيث يشكل افتتاح القنصلية دعما واضحا وصريحا للمغرب، وتتويجا لنجاح الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء.
ويستطرد العمراني في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه إلى جانب الأهمية السياسية لهذه الخطوة، فإن قرار فتح القنصلية من شأنه أن يخدم مصالح الجالية السنغالية المتواجدة بكثرة في الأقاليم الجنوبية للمغرب، وللتجار السينغاليين الذين يستعملون معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا.
وكانت السنغال قد خصصت سنة 2019 مكاتب للتصويت في الصحراء المغربية خلال الاستحقاقات الرائاسية التي شهدتها السنغال في تلك السنة.
دبلوماسية القنصليات
وحققت الرباط خلال المدة الأخيرة انتصارات دبلوماسية متسارعة على الأرض في ملف الصحراء المغربية، أبرزها اعتراف الولايات المتحدة، بسيادة المغرب الكاملة على أقاليم الصحراء، وقرار فتح تمثيلية دبلوماسية لها في مدينة الداخلة.
ويتجه الجهاز الدبلوماسي المغربي بخطى ثابتة نحو حشد مزيد من الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي، الذي يقترحه المغرب كحل عادل ونهائي لملف الصحراء المغربية، وهو ما يبرز من خلال الدينامية الدبلوماسية التي ما فتئت تشهدها الأقليم الجنوبية فيما يعرف إعلاميا بـ"دبلوماسية القنصليات".
وفي إطار هذه الدبلوماسية استطاعت الرباط أن تحظى بدعم سياسي كبير، تجسد من خلال قرار فتح دول عديدة لتمثليات لها بالإقليم، من ضمنها الإمارات العربية المتحدة والأردن وجزر القمر و الغابون وكوت ديفوار وزامبيا وبوركينا فاسو وجمهرية غينيا بيساو، وإفريقيا الوسطى.
وفي هذا الصدد، يقول محمد بودن، المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن افتتاح دول عربية وإفريقية إضافة إلى دولة من أميركا الوسطى، لتمثيليات دبلوماسية في الصحراء المغربية، هو تأكيد للدعم الشفهي لسيادة المغرب على صحرائه، عبر مواقف كانت تصدر عن خارجيات و سفرات أجنبية و رؤساء دول.
ويشير بودن في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن افتتاح تلك التمثيليات يكتسي أيضا أهمية على المستوى القانوني، حيث يندرج ضمن اتفاقية "فيينا" لسنة 1993 الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية.
وعلى المستوى السياسي يرى بودن، أن من شأن هذه الدينامية، أن تعزز مسيرة التعاون بين المغرب وتلك الدول، ممن خلال استكشاف الفرص الاقتصادية المهمة التي تتوفر عليها الأقاليم الجنوبية، كمنصة مفتوحة على الغرب الإفريقي.
أما على المستوى الدبلوماسي، فإن تواتر افتتاح القنصليات يعكس بحسب المتحدث، نجاح الدبلوماسية المغربية في تحقيق مكاسب هامة في القضية الوطنية، ويقطع طريق الترويج للأكاذيب من قبل الأطراف المعادية للوحدة الترابية للمملكة.