أشاد مسؤولون وخبراء في شأن المناخ بالحوار الإقليمي للتغير المناخي، الذي استضافته الإمارات واختتم أعماله الأحد، بمشاركة مجموعة بارزة من مسؤولي العمل المناخي من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأصدر المشاركون في الحوار بيانا مشتركا أكدوا من خلاله التزامهم بضمان إنجاح اتفاق باريس، وبناء المزيد من الزخم تحضيرا للقمة التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن لقادة المناخ، التي ستنعقد في واشنطن في وقت لاحق من شهر أبريل الجاري، وكذلك مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 26).
ووصف وزير البيئة المصري السابق خالد فهمي، الحوار الإقليمي للتغير المناخي بـ"البادرة الطيبة من الإمارات"، مضيفا أن "هذا ليس جديدا عليها لاستضافة هذا الحدث المهم في ظل اجتماع الأطراف ومجموعة العمل البارزة للمناقشة وتبادل الأفكار".
وقال فهمي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هذا الحوار "أمر طيب ومن المهم استمراره للمساهمة في التحضير تحضيرا لمؤتمر (كوب 26) الذي يعقد في إنجلترا نهاية العام، وكل ذلك مدعاة للتفاؤل بعد جمود طويل امتد لأكثر من عامين في ملف التغيرات المناخية".
وشدد الوزير السابق على أن "البيان المشترك الذي صدر عن الحوار به الكثير من الأمل للوصول إلى تنفيذ اتفاق باريس، والاتفاق على خطط حقيقية لمعالم طريق واضحة للمضي قدما فيه".
وأوضح أن عقد هذا الحوار بين أطراف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل وجود الولايات المتحدة "له دلالة كبيرة، لأننا في مرحلة بناء التحالفات والاتفاقات بين مجموعات الدول قبل الذهاب إلى مؤتمر الأطراف في إنجلترا، والهدف هناك هو الوصول إلى توافق على الدول الكبرى التي لها تأثير على التغيرات المناخية مثل الصين والولايات المتحدة للوصول إلى المعدلات الصفرية لانبعاثات الكربون، كما تصل الدول الأقل نموا إلى معدلات منخفضة للكربون تتناسب مع إمكانياتها الاقتصادية، مع النظر إلى ما يتاح لها من موارد تنموية لكي تستطيع تحقيق ذلك".
كانت رئاسة مؤتمر "كوب 26" قد رحبت بالبيان المشترك والتقدم المحرز في المنطقة، وجددت الدعوة إلى تقديم مساهمات محددة وطنيا معززة مع التزامات "صفرية" قبل انعقاد المؤتمر.
وأتاح الحوار الإقليمي للتغير المناخي منصة رائدة لتمكين الدول المشاركة من التعاون وتنسيق استجاباتها للتغير المناخي، وتعزيز الطموحات العالمية في العمل من أجل المناخ.
إسهامات كبيرة
وقال عضو المجلس العربي للاقتصاد الأخضر الخبير الدولي البيئي هشام عيسى، إن "الإمارات من الدول المؤثرة في اجتماعات تغير المناخ، وتقدم إسهامات كبيرة للغاية في المحادثات الخاصة بهذه القضية، سواء أثناء عملية التفاوض أو المبادرات التي تقدمها للعمل المناخي بصفة عامة، وبخاصة على مستوى الحد من الانبعاثات أو التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية ومحاولة التغلب على هذه المخاطر".
وأضاف عيسى في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الإمارات تعتبر من الدول الرائدة في المنطقة العربية في تناول قضية تغير المناخ بشكل إيجابي"، موضحا أن البيان المشترك الصادر عن الحوار الإقليمي "يؤكد على مقررات اتفاق باريس لتغير المناخ في 2015، الذي تحدث عن ضرورة مشاركة كافة أطراف المجتمع الدولي في عملية خفض الانبعاثات".
كما أشار إلى أن هناك التزامات متعلقة بالتمويل على الدول المتقدمة داخل اتفاق باريس للتغير المناخي، إذ "يلزم الاتفاق في مادته التاسعة بتوفير مصادر التمويل اللازمة للدول النامية للمشاركة في جهود خفض الانبعاثات، لكن هذا لا يتحقق بشكل جاد مؤخرا".
وأضاف الخبير المصري أن "المشاركة الجماعية تأتي من خلال تحديد كل دولة للالتزامات قدر استطاعتها ووفقا لإمكاناتها، أو من خلال العمل الجماعي بكل منطقة".
تراجع بسبب كورونا
وعاد وزير البيئة المصري للفت الانتباه إلى أن الحوار حول المناخ كان في الظل خلال العامين الأخيرين بسبب اهتمام العالم أجمع بجائحة كورونا وآثارها، وبالتالي "أصيب الحوار بنوع من الجمود".
وأوضح أن "هناك تحولا كبير في قضية المناخ مع تولي الإدارة الأميركية الجديدة وعودتها إلى اتفاقية باريس، باعتبارها من العناصر الأساسية لإنجاحها عام 2015، ومن المتوقع أن نشهد على الساحة تحركات ونشاطا استعدادا لاجتماع مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بإنجلترا".
واستطرد فهمي: "الوقت قصير للغاية أمامنا، لأنه خلال العامين الماضيين كان هناك تراجع في التزامات الدول، وظهر تراخ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في باريس لتوفير مساعدات للدول الفقيرة والنامية لمواجهة الآثار البيئية للتغيرات المناخية، بالإضافة إلى مساهمة بعض هذه الدول قدر استطاعتها في عملية تخفيف الانبعاثات".
وهذا ما تحدث عنه المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون التغير المناخي جون كيري في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، حيث أكد أنه "أمر جيد أن تحدد الدول عام 2050 لوقف الانبعاثات الكربونية، لكن الواقع إن هذا لا يكفي خاصة من دون وضع خطة خاصة لتحقيق هذا الهدف".
مشاركة جون كيري
وأوضح عضو المجلس العربي للاقتصاد الأخضر أن بايدن له اهتمام خاص بالقضية، وهذا ظهر منذ اليوم الأول لحملته الانتخابية، إذ كان يركز على اتفاق تغير المناخ.
وأكد عيسى أن "هذا الاهتمام كان جليا مع تعيين كيري وزير الخارجية الأسبق مبعوثا لتغير المناخ"، وتابع: "كيري رجل لديه علم دقيق عن ملف تغير المناخ، وهذا يعكس اهتمام الولايات المتحدة بهذه القضية".
وكان كيري أبدى إعجابه بتوجهات الإمارات الاستثمارية والصناعية التي تصب في فائدة المناخ، وقال إن دولا مثلها عملت على تنويع مصادر الطاقة الجديدة، مما يعني فرصا اقتصادية واستثمارية، كما أنها ستساعد على حل أزمة المناخ وتوفر صحة أفضل وأمنا أفضل لمواطني كل دول العالم.