رصد تقرير حديث صادر، الثلاثاء، إجمالي عدد الهجمات المسلحة التي شهدتها دول القارة الإفريقية خلال يناير الماضي، بما يعكس تصاعد خطورة التنظيمات المتطرفة في القارة السمراء، في الوقت الذي حذر فيه خبراء من تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، في ظل استمرار الظروف التي تجعل من القارة بيئة خصبة لنمو الجماعات والتنظيمات المتطرفة.
التقرير الصادر عن مؤسسة "ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان" في القاهرة، تحت عنوان "عدسة العمليات الإرهابية في إفريقيا"، رصد استقبال القارة العام الجديد 2021 بـ 66 هجوما دمويا، أسفر عن سقوط 642 قتيلا و96 جريحا، بخلاف تشريد ونزوح المئات وخطف واعتقال العشرات، وذلك في 15 دولة إفريقية مختلفة.
التقرير أبان أن إقليم شرق إفريقيا كان الأكثر دموية خلال هذا الشهر، بعد أن سقط خلاله 368 ضحية (57.2 بالمئة من إجمالي ضحايا الهجمات المسلحة خلال الشهر).
فيما جاء السودان في مقدمة الدول من حيث أعداد الضحايا، بعد أن شهد سقوط 207 ضحايا، بينما وضع التقرير الصومال على رأس الدول من حيث أعداد الهجمات الإرهابية، بعد أن شهد البلد خلال هذا الشهر 12 هجوما إرهابيا.
رئيس مؤسسة "ماعت" الحقوقية، أيمن عقيل، قال في التقرير، إن "الوضع لا يزال يزداد سوءا، رغم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب"، معتبراً أن تلك الجهود "لا تتماشى مع تنامي ظاهرة الإرهاب في كل أقاليم القارة".
ساحات جديدة
وتعقيبا على التقرير، يقول الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، خالد الزعفراني، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "بعد التضييق على التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، لم يجدوا ملاذا سوى القارة الإفريقية كساحة جديدة لهم، فأعلنوا الاتجاه إليها وإعادة بناء قواعدهم بشكل واسع فيها، مستغلين التنظيمات المتواجدة هناك بالفعل".
وأضاف: "بالتالي تم نقل قطاع كبير من تلك الجماعات إلى إفريقيا، لاسيما منطقة الساحل والصحراء، التي تشهد تصاعدا مستمرا في وتيرة العمليات الإرهابية"، موضحا أن إقيلمي شرق وغرب القارة يشهدان نشاطا للعمليات الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة.
ويوضح الزعفراني أن "عددا كبيرا من قيادات وعناصر تنظيم داعش في سوريا والعراق هم من أصول إفريقية، وبعد خسارة التنظيم هناك، سعى هؤلاء إلى العودة إلى بلادهم الأصلية، وظلت أعينهم موجهة على القارة التي ينظر إليها التنظيم باعتبارها الملاذ البديل، من أجل إعادة بناء التنظيم من جديد، واكتساب قاعدة كبيرة جديدة".
وذلك -وفق الزعفراني- يأتي بشكل خاص مع الظروف التي تواجهها العديد من دول القارة، التي تمثل بيئة خصبة لنمو التنظيمات الإرهابية.
وأشار إلى أن تواصل العمليات الإرهابية على ذلك النحو الذي تكشفه تقارير المراصد المختلفة، "يؤكد خطورة الوضع في إفريقيا، لجهة تنامي خطورة التنظيمات، على غرار بوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب الصومالية، وكذلك تنظيم القاعدة".
وشهد عام 2020، وفي ظل ذروة جائحة كورونا، تناميا ملحوظا للعمليات المسلحة في القارة السمراء، التي شهدت في النصف الأول من العام نفسه ما يصل إلى 1168 هجوما إرهابيا.
تزايد النشاط
وبدوره، يلفت رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق في مصر، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا، اللواء نصر سالم، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "المشكلة في إفريقيا -والتي تسمح بتزايد النشاط الإرهابي- أن هناك دولا ليست لديها القدرة أو الإمكانيات من أجل مجابهة الإرهاب".
ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، إلى "الرؤية المهمة التي حددتها منظمة دول الساحل والصحراء، من أجل مواجهة الإرهاب في القارة، وذلك من خلال قيام الدول صاحبة الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب بمساعدة الدول صاحبة الإمكانات الأقل، لا سيما أن هناك دولا فقيرة وضعيفة وتعاني من ارتفاع نسب الجهل، مما سهّل انتشار تنظيمات مثل بوكو حرام، وكذا تنظيمات عابرة للحدود مثل تنظيم القاعدة".
ويشدد سالم على ضرورة "التنسيق الأمني والاستخباراتي" والتكامل بين دول القارة، مستدلا بأهمية المنتدى الاستخباراتي العربي مؤخرا، معتبرا أنه "يمثل خطوة رائعة في إطار تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب، ومن ثم تأتي أهمية الدور الدولي بشكل عام في مكافحة الإرهاب والتعاون بين دول العالم في هذا الشأن".