رغم أنها كلمة فقط.. لكن إذا ما أزيلت فعلا من قوانين الهجرة الأميركية فسوف يكون لها أهمية رمزية كبيرة جدا، وهي مجرد جزء صغير من الإصلاح الشامل للهجرة الذي يدفع به الرئيس الأميركي جو بايدن.
وهذه الكلمة، التي يريد بايدن إزالتها أو تغييرها من قوانين الهجرة الأميركية، هي Alien بالإنجليزية، وتعني "أجنبي" أو حرفيا "غريب"، واقترح بدلا منها كلمة noncitizen أو "غير مواطن".
ولا شك أنها خطوة مقصودة تهدف إلى الاعتراف بأميركا "كأمة من المهاجرين"، وفقا لملخص مشروع القانون الصادر عن الإدارة الجديدة.
وكان مصطلح "غريب غير شرعي" illegal alien، الذي انتُقد لفترة طويلة باعتباره إهانة غير إنسانية من قبل المدافعين عن حقوق المهاجرين، أصبح أكثر إثارة للجدل خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث شجع بعض كبار المسؤولين الفيدراليين على استخدامه، بينما اتخذت العديد من الولايات والحكومات المحلية إجراءات لحظره.
يقول خوسيه أنطونيو فارغاس، وهو مهاجر غير موثق تسعى منظمته، Define American، إلى مزيد من الدقة في توصيف المهاجرين.
ويوضح فارغاس: "إن الطريقة التي نصف بها الناس تلتصق بهم حقا. وهي تؤثر على كيفية معاملتنا لهم.. الطريقة التي نتحدث بها عن المهاجرين تشكل السياسات. إنها تضع إطارا للقضايا المطروحة هنا حقا، وهي تقر بأننا نتحدث عن البشر والعائلات".
ماذا تقول القوانين الآن؟
يعرّف قانون الولايات المتحدة "الأجنبي" أو "الغريب" على أنه "أي شخص ليس مواطنا أميركيا".
وأشار مسؤولون في الماضي إلى انتشار المصطلح في القوانين الأميركية للدفاع عن اختياراتهم للكلمات، ففي العام 2018، وجه المدعي العام السابق، جيف سيشنز، المدعين العامين للإشارة إلى شخص مقيم بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة على أنه "غريب غير شرعي"، مستشهدا بالقانون الأميركي في رسالة بريد إلكتروني على مستوى الوزارة.
وغالبا ما استشهد ترامب بمصطلح "غريب" في خطاباته حيث حذر مما رآه مخاطر الهجرة غير الشرعية وغير المراقبة، ففي حديثه على حدود المكسيك الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، في أحد خطاباته الأخيرة كرئيس، استخدم ترامب المصطلح 5 مرات على الأقل.
وقال فارغاس: "كنا في إدارة ترامب البعبع الدائم"، عندما كان ترامب في ورطة، فإنه يبدأ بالحديث عن ’غير الشرعيين‘ ويتحدث عن الحدود''.
لكن لم يكن كل من في إدارة ترامب معجبا باللغة المستخدمة، ففي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست نُشرت قبل فترة وجيزة من استقالته من منصب القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي في العام 2019، قال كيفن ماكلينان للصحيفة إنه تجنب استخدام مصطلح "الغرباء غير الشرعيين" ووصفهم بدلا من ذلك بأنهم "مهاجرون".
ونقلت الصحيفة عن ماكلينان قوله "أعتقد أن الكلمات مهمة للغاية.. إذا أبعدت نصف جمهورك عن طريق استخدامك للمصطلحات، فسيؤدي ذلك إلى إعاقة قدرتك على الفوز بأي جدال".
ليست المحاولة الأولى
في العام 2015، ألغت ولاية كاليفورنيا مصطلح "غريب" من قانون العمل بالولاية.
كما أزالت مدينة نيويورك المصطلح من ميثاقها ورمزها الإداري العام الماضي، ففي إرشادات صدرت عام 2019، حظرت نيويورك مصطلح "غريب غير قانوني" عند استخدامه "بقصد إهانة شخص أو إذلاله أو مضايقته".
وحذرت نيويورك من أن الانتهاكات قد تؤدي إلى غرامات تصل إلى 250 ألف دولار.
وفي العام الماضي قدم اثنان من المشرعين من كولورادو مشروع قانون لاستبدال مصطلح "غريب غير شرعي" بعبارة "مهاجر غير شرعي"، لكن مشروع القانون لم يصل أبدا إلى قاعة مجلس الشيوخ للتصويت عليه.
استهداف المصطلح بالتهكم
واحدة من المرات الأولى التي لفت فيها استخدام مصطلح "غريب" الانتباه على نطاق واسع خلال إدارة ترامب كانت في العام 2017 بعد أن أعلن المسؤولون عن خط ساخن لضحايا "الجرائم التي يرتكبها غرباء يمكن إبعادهم".
وسرعان ما غمر المتصلون المتهكمون الخط الساخن بتقارير عن "الغرباء من الفضاء"، وتبادلوا أمثلة على وسائل التواصل الاجتماعي لتعليقاتهم حول المريخ والأجسام الطائرة.
لكن فارغاس يقول إن المصطلح وغيره من المصطلحات المستخدمة لشيطنة المهاجرين ليست مسألة مثيرة للضحك والسخرية والتهكم.
ويوضح فارغاس: "اللغة لها قوة. وأعتقد أننا رأينا ذلك في إدارة ترامب، كيف استخدمت مصطلحات غير إنسانية وكيف أضعفت اللغة وبالتالي حطت من قدر الناس.. إذا أطلقت عليهم اسم ’الفضائيين‘، فبالطبع ستضعهم في السجن، بالطبع ستحبسونهم، بالطبع لن تهتم بفصل الأطفال الصغار عن الآباء".
ويقول فارغاس إن جهود الإدارة الجديدة لاستخدام لغة أكثر احتراما تمنحه الأمل في أن وجهات نظر بعض الأميركيين بشأن المهاجرين غير المسجلين قد تتغير أيضا. ويقول إن تغيير كلمة واحدة فقط يمكن أن يكون له تأثير بعيد المدى على ملايين الأشخاص.