كشفت حادثة اغتصاب طفلة بعمر الـ 15 عاما في مدينة جركوش جنوب شرقي تركيا، المسكوت عنه من ممارسات ضد المرأة التركية، والتي أشارت تقارير حقوقية إلى معاناتها في ظل حكم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

البداية كانت مع حالة الغضب التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي التركية، حيث دشن نشطاء هاشتاغ بعنوان #ماذا يحدث في جركوش، والتي تم الكشف خلاله عن حادثة اغتصاب طفلة من جانب 27 مسؤولاً حكومياً، بينهم عناصر من الشرطة وحراس أمن ورقباء وجنود برتبة شاويش.

وتحدث نشطاء عن الواقعة وربطوها بـ "قانون الاغتصاب"، والعنف ضد النساء التركيات تحت مظلة هذا القانون.

وكشفت صحيفة "بيرجون" التركية، أن المتهمين تناوبوا على اغتصاب الطفلة لفترة طويلة، ما تسبب في حملها، وإجهاضها مرتين بأحد مستشفيات بلدية جركوش في مدينة باتمان جنوب شرقي تركيا.

الصحيفة التركية أكدت أيضاً أن شرطة البلدية اعتقلت المتهمين بعد شكوى تقدمت بها المستشفى، وأنه يجري التحقيق مع 27 مسؤولا، ثبتت التهمة على 11 منهم سبق اتهامهم في التحرش بالأطفال من قبل، وسط تكتم شديد على تفاصيل القضية.

من ناحية أخرى، لفتت وكالة أنباء "جين نيوز" الكردية، المعنية بشؤون المرأة، إلى أن تحريات الشرطة أكدت ارتكاب الجريمة بالقرب من مدرسة ابتدائية، في متجر ومقهى مملوكين لرقيب شرطة متهم سابق بجرائم التحرش والاغتصاب والتعدي الجنسي على تلاميذ المدرسة.

وأوضحت الوكالة الكردية، أنه سبق ووجهت اتهامات من قبل نساء وأطفال لهذا الشرطي، بتهديد النساء بالسجن وإجبارهن على ممارسة الجنس تحت التهديد.

أخبار ذات صلة

مشروع قانون "زواج الفتاة من مغتصبها" يثير الغضب في تركيا

تحرك مشترك

وطالبت ناشطات إلى جانب نواب عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، بضرورة محاسبة مرتكبي هذه الجريمة والكشف عن ملابساتها.

وقالت "مسعودة أردلان" طالبة جامعية من مدينة باتمان التركية، إن الحادثة كشفت عن جرائم الاغتصاب الممارسة بحق العديد من نساء المدينة، لاسيما في ريفها من قبل عناصر شرطة ومسؤولين محليين.

وأشارت مسعودة إلى أن المسؤولون غالبا ما يستغلون مناصبهم لتهديد النساء واجبارهن على ممارسة الرذيلة أو تلفيق تهم لهن بالتعامل مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا حزباً إرهابياً، والتلويح بسجنهن حتى يرضخن.

ولفتت في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن القضاء غالبا ما يتكتم عن تلك الجرائم ولا يسمح بتسريب تفاصيلها إلى الصحافة، مضيفة: "القضاء يغرم كل من ينشر حتى أسماء الضحايا حتى يجد ثغرة قانونية لتبرئة الجناة".

وتابعت: "معظم مرتكبي الجرائم غالباً أفراد في السلك الأمني، وهي ليست الحادثة الأولى التي تمت بحق القاصرات، سواء بالخطف والقتل".

الجاني حر طليق

ورغم أن القانون العلماني هو المعتمد لدى الدستور التركي، إلا أنه باستثناء المدن الكبرى كإسطنبول والعاصمة أنقرة، تنتشر في المجتمع  ممارسات العنف ضد النساء دون حساب.

وتعتقد "أينور تنك"، وهو اسم مستعار لناشطة حقوقية كردية، منحدرة من باتمان وتعيش في إسطنبول، أن العديد من المغتصبات والمعنفات لا يتقدمن بشكاوى للشرطة التركية، خوفاً من انتقام الجاني الذي قد يكون هو نفسه رجل القانون الذي يهددها بالسجن أو بأبعادها عن أولادها.

وتحدثت تنك" لـ"سكاي نيوز عربية" عن حدوث جرائم بشعة بحق النساء بعد خطفهن واغتصابهن وقتلهن ورمي جثثهن بعد حرقها في مكان مجهول من الغابات أو في قعر نهر أو بحيرة لإخفاء الجريمة.

وقالت: "خالتي اختطفت قبل 10 سنوات وقتلت بعد اغتصابها من قبل شرطي تمكن من الفرار لخارج البلاد وحتى اليوم لازال طليقاً".

وأضافت الناشطة الحقوقية الكردية "لدي صديقتي جامعية، اغتصبت ابنتها بقوة السلاح من قبل جارها في الحي الذي تعيشه في بإسطنبول وهي في 16 من عمرها، ورغم أن مرتكب الجريمة يكبرها بثلاثين عاماً وكان أرملاً، لكن القانون وقف إلى جانب جلادها وتزوجت منه وهي في عمر والدها".

أخبار ذات صلة

تولا "وزوجها المغتصب".. وقائع معركة استثنائية في تركيا

تزوجي مغتصبك

ولمحو أدلة حالات العنف ضد النساء في تركيا لا سيما القاصرات تحت سن الـ 18، تم تشريع قانون "تزوجي مغتصبِك" الذي أعاده حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم للبرلمان في يناير 2020، لإفلات الجناة من العقاب في حالات الاعتداء على الأطفال.

هذا القانون الذي يعيد حقوق التركيات إلى حقبة الخمسينيات، يعلق إدانة المتهم باغتصاب القاصرات في حالات معينة، من بينها أن الاغتصاب يحدث دون إكراه أو تهديد أو تم بدون قوة، ما أثار موجة انتقادات واسعة.

وحذرت الحقوقية التركية المعارضة "سافجان باي دمر"، من نتائج تشريع القانون الذي عُرف بـ"الزواج من المغتصب"، وتم رفضه عام 2016، حيث يشرع زواج القاصرات ويسيء إليهن ويجعلهن ضحايا ضعاف أمام المتحرش الذي يحلل له القانون جريمته.

وانتقدت باي دمر القانون في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" وقالت إن: "هذا القانون يحمي المدانين في جرائم الاغتصاب ويمنحهم حصانة كاملة حين يسمح لهم بالزواج من ضحاياهم، والإفلات من العقوبة، وهو يضاف إلى السجل الفاشل لحكومة العدالة والتنمية الحاكم في حماية المرأة".

من جانبها حذّرت هيئة الأمم المتحدة من تبعات تجدد مناقشة قانون "تزوجي مغتصبك"، والذي سيولد مشهداً غير مسبوقا في الإساءة لمعاملة الأطفال وتمرير إفلات المجرمين من العقاب، كما سيسمح لمرتكبي الجرائم الجنسية الاستمرار في ارتكابها.

أرقام مخيفة

وكشفت منظمات مناهضة للعنف ضد المرأة، عن إحصاءات مخيفة لضحايا العنف بين النساء التركيات.

وأعلنت منظمة«KCDP» المناهضة لقتل الإناث في تركيا، مقتل 39 سيدة تركية في ظروف مريبة بجميع أنحاء البلاد، خلال شهر نوفمبر الماضي فقط.

وقالت المنظمة إن الضحايا قتلن لرفضهن أما الزواج أو طلبن الطلاق، أو المصالحة مع أزواجهن، مشيرة إلى أن 86 بالمئة من النساء المتوفيات قتلن بالرصاص في منزلهن.

ونددت المنظمة بالموقف السلبي لحكومة أردوغان تجاه قتل الإناث، وطالبت الحكومة تنفيذ "اتفاقية مجلس أوروبا" في 2007، وخاصة القانون رقم 6284، الذي يهدف إلى حماية المرأة من العنف بدلًا من الانسحاب منها.

وتعد اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة وحماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي، والمعروفة أيضًا باسم "اتفاقية إسطنبول"، هي أول اتفاقية أوروبية تستهدف بشكل خاص العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.

مقتل امرأة يومياً

وبحسب تقرير لشبكة "زد دي إف" الألمانية، فإن العنف ضد المرأة في تركيا وصل لمستويات مأساوية.

وتشير أرقام الشبكة إلى مقتل امرأة على الأقل يومياً، وسط صمت الجهات الرسمية.

وقالت "زد دي إف" إن الإحصائيات والأرقام الموثقة من قبل الجمعيات الحقوقية التركية، تشير إلى مقتل 474 امرأة العام الماضي.

ولفتت الشبكة إلى أن العدد الحقيقي ربما يكون أعلى بكثير، بسبب امتناع الحكومة التركية أرقام رسمية حول القضية.