أصدرت محكمة فرنسية، الجمعة، حكما بالسجن 15 شهرا على مغني راب بتهم تتعلق بتمجيد الإرهاب، وذلك بسبب أغنية مصورة قام بنشرها على وسائل التواصل الإجتماعي في أعقاب مقتل مدرس التاريخ صامويل باتي، نهاية شهر أكتوبر الماضي.

ومثل مغني الراب "ماكا" (18 سنة) أمام القاضي في محكمة لاني سور مارن، شرق باريس، بحالة إيقاف، بعد اعتقاله من طرف الشرطة في 24 نوفمبر الحالي، بعد انتشار أغنيته التي يقول فيها: "قطعنا صامويل دون رحمة"، في إشارة لباتي الذي قتل في اعتداء إرهابي بقطع رأسه في ضاحية "كونفلان سانت-أونورين" الواقعة غربي باريس على يد لاجئ روسي من أصل شيشاني يبلغ من العمر 18 عاما.

وخلال الجلسة، قال المدعي العام إن المقطع المصور للأغنية تم تصويره أمام سيارة محترقة فيما كان المغني "ماكا' محاطًا بالعديد من أصدقائه المقنعين والمسلحين بالسكاكين والمناجل والمناشير، وقد تم حذفه لبعض الوقت من منصة فيديو يوتيوب، وتم تداوله مرة أخرى.

وبحسب المدعي العام، فقد سجل الفيديو أكثر من 30 ألف مشاهدة في يوم واحد، مشيراً إلى أن "هذا النوع من المقاطع يمكن أن يشكل دعوة للعنف والقتل".

وقالت المحكمة إن وقت تصوير الكليب كان في نهاية شهر أكتوبر، عندما كان مغني الراب ماكا يخضع للرقابة القضائية في ملف قضائي آخر، كما أنه قام بخرق منع التجوال الليلي بعد الساعة الثامنة مساء، الذي كان مفروضا حينذاك.

أخبار ذات صلة

فرنسا.. منظمة مرتبطة بالإخوان تتفادى "الحل" بمغادرة البلاد
فرنسا تكافح التطرف الإلكتروني بـ"الخطاب الجمهوري المضاد"

من جانبه، قدم المغني اعتذاره للمحكمة، قائلاً إن لم "ينتبه إلى عواقب ما فعله" مشيراً إلى أنه "يدرك أن العبارات المروعة تهدف إلى جذب الناس، وإحداث ضجة، وأنا أعلم أنها ليست لطيفة". مضيفاً: "أريد أن أصبح فنانًا، كنت بحاجة إلى القليل من الدعم".

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يربط فيها بين فناني الراب في فرنسا وبين الدعوة للكراهية وتمجيد الإرهاب.

فقد أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فبراير الماضي، بحل منظمة يديرها مطرب راب، بسبب ترويجها لخطاب الكراهية والدفاع عن الإرهاب، وذلك بعد نشر أغنية له على يوتيوب تدعى "إرهابي" والتي يستلهم فيها هجمات باريس الإرهابية عام 2015 التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا.

وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية الفرنسية إن المنظمة التي يطلق عليها " كيلوميناتيم- جنود على درب الله" تنشر رسائلها تحت غطاء مساعدة المحتاجين. 

وأضاف البيان أن "النشاط الرئيسي (للمنظمة) هو تنظيم تحركات علنية لدعوات للكراهية والعنف"، وأن المجموعة استخدمت الإنترنت والتسجيلات المصورة التي تعج بمحتوى يعكس "طبيعة تآمرية ومعادية للسامية ومعادية للمسيحية.. وللدفاع عن الإرهاب".

ومطرب الراب الذي يرأس المجموعة يطلق على نفسه "كيلوميناتي ماستا إكس". وكان قد أدين في نوفمبر 2019 في اتهامات بالدفاع عن الإرهاب، وعوقب بالسجن لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ.

أخبار ذات صلة

"معارك شوارع" في فرنسا احتجاجا على عنف الشرطة
بعد الفيديو الصادم.. 4 من الشرطة الفرنسية في قفص الاتهام

ملاحقة إلكترونية

وتلاحق السلطات الفرنسية خلال الفترة الأخيرة كل من يقوم بتمجيد العمليات الإرهابية على شبكات التواصل الإجتماعي، لا سيما الأغاني التي يطلقها بعض هواة الراب أو التعليقات التي يتركها رواد الشبكات على أخبار تتعلق بمقتل المدرس باتي.

وفي أكتوبر الماضي، حكمت محكمة فرنسية الجمعة بالسجن أربعة أشهر مع وقف التنفيذ على طالبة تدرس البيولوجيا وتبلغ من العمر 19 عاما، بعد إدانتها بتهمة "تمجيد الإرهاب" لأنها كتبت على موقع فيسبوك أن أستاذ التاريخ باتي كان "يستحق" الموت.

وفي بداية نوفمبر، استدعت الشرطة تلميذاً في مدرسة ابتدائية  بلاسيوتا في جنوب البلاد للتحقيق، وتم الاستماع لأقواله في 9 نوفمبر الماضي في قضية "تمجيد الإرهاب".

وأخذ على الطفل قوله في 2 نوفمبر، يوم الوقوف في فرنسا دقيقة صمت ترحما على المعلم باتي المذبوح على خلفية رسوم مسيئة للنبي محمد، قوله: "جيد ما حصل له، لم يكن لديه الحق في شتمنا".

هذا وأطلقت وزيرة المواطنة الفرنسية مارلين شيابا، منتصف الشهر الحالي، مشروع "وحدة الخطاب الجمهوري المضاد" لمراقبة ورصد خطابات التطرف في الفضاء الإلكتروني، بعد أن رصدت السلطات رسائل ومنشورات تحريضية ضد الضحية باتي، أياماً قليلةً قبل وفاته، تعتقد السلطات أنها كانت وراء مقتله ذبحاً.

وكانت الوزيرة شيابا قد صرحت في وقت سابق أن "الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة تنتشر بسرعة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن جيلا كاملا من الشباب لم يعد يحتاج إلى الذهاب إلى مسجد للمتشددين أو أن يدخل السجن ليسلك طريق التطرف".

وأضافت الوزيرة خلال اجتماع لها مع مدراء مواقع التواصل الاجتماعي في فرنسا بينهم فيسبوك وتويتر وغوغل وتيك توك وسناب تشات، لبحث مكافحة التطرف الإلكتروني:" الآن يأتيهم التطرف إلى منازلهم وغرفهم الشخصية ليتمثل لهم على شاشات هواتفهم وحواسيبهم، فهو يدخل من بوابة وسائل التواصل الاجتماعي".

ومنذ العام 2009 أطلقت فرنسا منصة "فاروس" لمكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال ثلاثين ضابطا من الشرطة والدرك متخصصين في الجرائم الإلكترونية، يقومون بتحليل التقارير التي يرسلها مستخدمو الإنترنت يوميًا، حول جرائم التطرف والجرائم ضد القُصر، لكن المنصة تعرضت للكثير من النقد بعد حادثة مقتل المدرس باتي، بسبب المحتوى الذي كان يروج ضده دون رقابة.

وبحسب تقرير نشرته وزارة الداخلية الفرنسية نهاية أكتوبر الماضي، فإن هذه المنصة تتلقى أكثر من 20000 تقرير شهرياً، وقد نجحت في إزالة أكثر من 3000 محتوى إرهابي منذ بداية العام الحالي.