يعود نظام "المجمع الانتخابي" في الولايات المتحدة، إلى إثارة الجدل في كل انتخابات رئاسية، وسط مطالبات بإخضاعه لإصلاحات جوهرية أو حتى إلغائه، لكن هذه الدعوات لا تحظى بالإجماع.
ويثيرُ هذا النظام جدلا، لأن المرشح الفائز في الرئاسيات الأميركية، يجري اختيارهُ من قبل المندوبين أو الناخبين الكبار في المجمع الانتخابي، وعددهم 538، عوض أن يتمُ ترجيح الكفة مباشرة بالتصويت الشعبي من قبل المواطنين، كما يحصلُ في كافة الديمقراطيات الغربية.
ويحتاجُ المرشح الرئاسي في الولايات المتحدة إلى الحصول على 270 صوتا في المجمع الانتخابي، حتى يضمن وصوله إلى البيت الأبيض.
ويصوت الناخبون الأميركيون في كل ولاية على حدة، من أجل اختيار المندوبين، وليس الرئيس، ثم يقومُ هؤلاء المندوبون بالتصويت على المرشح الرئاسي، ويمكن للمندوب ألا يلتزمُ بما تريدهُ القاعدة التي صوتت لأجله.
ويتفاوت عدد المندوبين من ولاية إلى أخرى، نظرا إلى تفاوت عدد السكان، فولاية كاليفورنيا، مثلا، لها 55 مندوبا في المجمع الانتخابي، فيما لا يتجاوز العدد 3 مندوبين بولاية مونتانا.
ويرى المنتقدون أن المشكلة الكبرى في هذا النظام تكمن في قاعدة "الفائز يأخذ كل شيء"، وهي معمول بها في كافة الولايات باستثناء نبراسكا وماين.
وبموجب هذه القاعدة، فإنه في حال حصل مرشح حزب ما، على الأغلبية في ولاية معينة، فإنه يأخذ كافة أصوات المندوبين في تلك الولاية.
أما الحزب الذي يحصل على عدد أقل من الأصوات في تلك الولاية، فلن يكون له مندوبون في المجمع الانتخابي، رغم أنه نال تأييد الملايين من الأشخاص.
وبسبب هذا النظام، فإن مرشحا رئاسيا قد يحصلُ على العدد الأكبر من الأصوات في مجمل الولايات المتحدة، لكنه قد يخسر الانتخابات، لأنه لم يفز في المجمع الانتخابي، وهذا ما حصل في انتخابات 2000 و2016.
وبحسب موقع "غرانتز"، فإن إلغاء هذا النظام أمر صعب أو حتى مستحيل، لاسيما أنه يصبُ في مصلحة بعض الولايات، مثل الأقل سكانا، وهذه الأخيرة ستدافع عنه بشراسة إزاء أي خطوة تعديل محتملة.
نظام قديم
ولأن الدستور الأميركي أقر هذا النظام، عند التصديق عليه في سنة 1788، فقد كان محكوما بهواجس قائمة في تلك الفترة، وأبرزها الحرص على عدم تمكين من يوصفون بالعامة من أن يصوتوا مباشرة، وبالتالي، فضلت النخبة التي أعدت الدستور أن تمنح هذا الحق لمندوبين على قدر معقول من الدراية السياسية.
ويقول ألكسندر هاملتون، وهو من رجال السياسة والدستور الكبار في التاريخ الأميركي، (توفي في 1804)، إن الغرض من هذا النظام هو ضمان ألا يؤول المنصب إلى الشخص الذي ليس أهلا لرئاسة الولايات المتحدة.
وفي المنحى نفسه، يشكل المجمع الانتخابي صيغة توافقية من أجل تجسيد قوة الولايات الكبرى، بغض النظر عن مساحتها، حتى وإن كان هذا النظام السياسي يمنحُ وزنا أكبر للولايات الصغرى.
وبما أن أغلب الولايات الأميركية تصوت بشكل تقليدي على هذا الحزب أو ذلك، فإن الولايات التي توصف بالمتأرجحة، هي التي تتحول إلى عنصر حسم في الانتخابات.
وإزاء هذا الوضع السياسي، يركز مرشحا الرئاسة الأميركيان على الولايات غير المحسومة، فيما يتمُ التغاضي عن الولايات كبرى وناخبيها، لأنهم لم يعودوا محل شكوك، مما يعني أن ولايات محسوبة هي التي تتولى اختيار الرئيس وليس الولايات التي تحافظ على الولاء الانتخابي نفسه.
ويحتاج تعديل الدستور في الولايات المتحدة إلى ضمان ثلثي مجلس الشيوخ، ومن المستبعد بشكل كبير أن تؤيد الولايات الصغرى إجراء من هذا القبيل لأنه لا يصب في صالحها.
وبما أن عدد المندوبين الممنوح لكل ولاية يتم تقديره بناء على عدد أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب في تلك الولاية، فإن الصيغة الممكنة لإصلاح المجمع الانتخابي، هو رفع عدد المندوبين، حتى يكون متناسبا مع عدد السكان، بحسب موقع "كوارتز".
وتم تحديد عدد أعضاء مجلس النواب الأميركي في آخر مرة، عند 435 عضوا، في سنة 1929، لكن سكان أميركا زادوا بشكل كبير، كما أن بعض الولايات شهدت نموا سكانيا أسرع من الولايات الأخرى.