لم يتجرأ رئيس أميركي على الجيش، كما فعل دونالد ترامب، ورغم ذلك حظي بتأييد واسع النطاق في صفوفه، ورغم تراجع هذا التأييد في الآونة الأخيرة لكنه يظل كبيرا.
وكان ترامب قطع أمام ناخبيه في عام 2016 وعدا بإعادة بناء الجيش ليصبح أقوى مما هو عليه، وليس في هذا ما يثير الدهشة، فمعظم المرشحين للرئاسة يقدمون وعودا مشابهة.
لكن الغريب في الأمر أن ترامب بعدما تولى السلطة، وجهت انتقادات لاذعة إلى المؤسسة العسكرية التي وعد بإعادة بنائها بشكل غير مسبوق.
ووعد ترامب بإقالة معظم كبار ضباط الجيش، واستبدالهم بأنصاره، ووصف ترامب قادة الضباط بـ"الأغبياء"، وقال إنه يملك معلومات عن تنظيم داعش، أكثر مما يعرف هؤلاء الضباط.
وأهان ترامب قدامى المحاربين، ووصف جنود البحرية الأميركية الذين قضوا في الحرب العالمية الأولى ووصفهم بـ"المغفلين".
وبالتالي، كان من المتوقع أن يحصل ترامب على تأييد محدود بين العسكريين، الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات الرئاسية، في الفترة التي تسبق يوم الانتخابات 3 نوفمبر.
تأييد كبير
غير أن النتيجة مختلفة، فقد حظى ترامب بتأييد واسع، فما سبب ذلك؟
إن انتشار الجيش الأميركي الواسع النطاق خارج البلاد يقلق الجيش، لذلك عندما طرح ترامب خطط إعادة القوات، لاقى الأمر استحسانا بين العسكريين.
وكان الرئيس السابق، باراك أوباما، قد قلّص من ميزانية الجيش ولم ينه الحروب في العراق وأفغانستان، فاستغل ترامب هذه الفرص ووعد بزيادة الميزانية وسحب القوات، الأمر الذي عزز شعبيته لدى العسكريين، حسبما تقول شبكة "أن بي سي نيوز".
ويقول موقع "ناشونال إنترست" إن هناك قلقا عميقا في المؤسسة العسكرية الأميركية بسبب الانتشار الكبير في الشرق الأوسط.
ونقل الموقع عن مسؤول مدني في البنتاغون قوله إن القلق بين العسكريين أكثر مما هو لدى الضباط الكبار، ولدى الجيش ومشاة البحرية أكثر مما لدى القوات الجوية والبحرية، ذلك أن عناصر الأخيرة لم يخدموا على الخط النار.
وقال الضابط السابق في مشاة البحرية الأميركية، مارك كانسيان، إن هناك حالة من عدم الارتياح في الجيش بسبب استمرار عمليات الانتشار خارج الحدود.
وأضاف كانسيان: "لا اعتقد أن هناك كثيرا من الشك حول ذلك"، مشيرا إلى أن الأمر يتوافق أيضا مع آراء غالبية الشعب الأميركي.
تراجع بين فئات معينة
لكن شعبية ترامب تراجعت هذا العام بين العسكريين، وفق استطلاع للرأي أجرته صحيفة "ذا ميليتري تايمز"، ورغم ذلك تظل جماهيريته كبيرة بينهم تفوق تلك التي حصدها الرئيس السابق باراك أوباما.
وشدد المستشار في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن على أنه من الخطأ تصنيف الجيش الأميركي على أنه جمهوري تارة وديمقراطي تارة أخرى أو أنه مؤيد لترامب أو معارض له.
وقال إن الجيش الأميركي مؤسسة متنوعة للغاية، فهناك 1.4 مليون شخص يرتدون الزي العسكري، وستجد من بين هؤلاء من يؤدي السياسي اليساري، بيرني ساندرز.
ويمكن رد الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع إلى تعامل ترامب السيء مع حلفاء أميركا واستخفافه بهم، وإبداء الإعجاب قادة خصوم لأميركا مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
أما أسباب بقاء شعبية للرئيس هناك، فيقول الضابط السابق، كيفن بنسون، مدير كلية الدراسات العسكرية المتقدمة، إن الجيش مؤسسة محافظة وترامب يتحدث بلغتهم وهذا يروق لهم.
وأضاف: "قد فعل (ترامب) بعض الأشياء المثيرة للجدل، لكن لا يزال ينظر إليه على أنه مؤيد للجيش".
أما على الصعيد الداخلي، فالجيش وترامب غير متفقان، خاصة بعدما دعا الأخير لنشر قوات الجيش في المدن الأميركية، إثر الاضطرابات التي أشعلها مقتل الرجل الأسود، جورج فلويد.
وذكر مسؤول في البنتاغون أن المسؤولين العسكريين لجأوا إلى إبطاء الإجراءات اللازمة لنشر عناصر الشرطة العسكرية في المناطق المدنية، ذلك أنه لم يكن هناك دعم كبير لهذه الخطوة.