للأسبوع الثاني على التوالي، يتسع تقدم المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن، على منافسه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في استطلاعات رأي رئيسية على المستوى الوطني والولايات.
وفي الوقت الذي يصف به ترامب تلك الاستطلاعات بالكاذبة ويقول إنها جزء من "الأخبار الزائفة"، يطرح السؤال نفسه: هل تعكس الاستطلاعات حقيقة ما ستقرره انتخابات الثالث من نوفمبر؟
المرشح الديمقراطي جو بايدن حقق تقدما كبيرا في استطلاعات الرأي الوطنية، بعد تداعيات المناظرة الرئاسية الأولى ودخول ترامب إلى المستشفى إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.
وقبل 3 أسابيع من انتخابات 2020، يشير استطلاعا fivethirtyeight، وRealClearPolitics، إلى تقدم بايدن على ترامب بنسبة 10.6 بالمئة من أصوات الناخبين، بينما كان يتقدم الأسبوع الماضي، بنسبة 8.3 بالمئة.
ومع ذلك، على المراقب أن يتوخى الحذر بشأن ما يراه في استطلاعات الرأي، إذ يمكن أن يتغير الكثير في الأسابيع الثلاثة المتبقية، كما أن استطلاعات الرأي تقيس تفوق أحد المرشحين في التصويت الشعبي فقط.
أيام حاسمة
فقبل أيام من انتخابات عام 2016، أظهرت استطلاعات الرأي تقدم المرشحة الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون، لكن ذلك لم يمنع ترامب وقتها من الوصول إلى البيت الأبيض.
وكانت هيلاري توسع تقدمها في استطلاعات الرأي بعد المناظرة الرئاسية الثانية، وظهور شريط Access Hollywood الذي كشف عن تعليقات أدلى بها ترامب عام 2005 واعتبرت مسيئة للنساء.
لكن السباق الرئاسي استمر بسخونة خلال الأسابيع الثلاثة السابقة ليوم الاقتراع، وتواصل إصدار رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري حتى أكتوبر، وكشف المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" جيمس كومي، أن المكتب كان يحقق في رسائل البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية السابقة قبل 11 يوما فقط من الانتخابات.
وقبل أسبوعين من انتخابات 2016، بدأ الفارق في استطلاعات الرأي بين حظوظ المرشحيْن يتضاءل.
إلا أن ترامب حصل في النهاية على 46.1 بالمئة من أصوات الناخبين، وفاز بالانتخابات بأصوات المجمع الانتخابي رغم تفوق كلينتون في التصويت الشعبي، وحصولها على نسبة 48.2 بالمئة من الأصوات.
والآن، قد تلعب إصابة ترامب بـ"كوفيد 19" دورا مهما في التأثير على استطلاعات الرأي، ويمكن لكل من الجمهوريين والديمقراطيين تفسيرها بما ينسجم مع مواقفهم وآرائهم.
المجمع الانتخابي وحسم نتيجة التصويت
تمنح استطلاعات الرأي الحالية بايدن فارقا أكبر عن ترامب، من ذلك الذي قدمته لكلينتون في الانتخابات الرئاسية السابقة.
وتنجح استطلاعات الرأي عادة في قياس مرشح الأميركيين المفضل في التصويت الشعبي، لكنها قد تخفق في تحديد رجل البيت الأبيض وفقا لقواعد المجمع الانتخابي، فالانتخابات الأميركية ليست مباشرة، بل تعتمد نظاما غير مباشر يختار بموجبه الأميركيون أعضاء المجمع الانتخابي المخصصين لكل ولاية على حدة.
ويحتاج مرشح الرئاسة في الولايات المتحدة إلى الفوز بغالبية أصوات أعضاء المجمع الانتخابي، وعددها 538، لضمان الوصول إلى البيت الأبيض.
وفي المجمع الانتخابي يمثل كل ولاية عدد من المندوبين، يساوي عدد أعضائها في الكونغرس بمجلسيه، إضافة إلى 3 مندوبين عن العاصمة واشنطن، وحين يفوز أي مرشح بغالبية أصوات ولاية ما يحصل تلقائيا على جميع عدد المندوبين المخصص لها، وهو ما يجعل الفوز بولايات معينة أهم من الفوز بغيرها.
ويبرز هنا دور الولايات المتأرجحة في حسم نتيجة السباق الرئاسي، مما يفسر سعي المرشحين الحثيث لإقامة تجمعات انتخابية في ولايات مثل أريزونا وفلوريدا وميشيغن وأوهايو وبنسلفانيا وويسكونسن.
وحين فاز ترامب في انتخابات 2016، لم يكن حينها الرئيس الأميركي الأول الذي يصل إلى البيت الأبيض بفضل أصوات المجمع الانتخابي رغم خسارته التصويت الشعبي، إذ سبقه في ذلك عدة رؤساء من بينهم جورج بوش الابن في انتخابات عام 2000، حين فاز بأصوات المجمع الانتخابي على حساب المرشح الديمقراطي آل غور، الذي فاز وقتها بالتصويت الشعبي.
عوامل أخرى
ويشير مركز "بيو" للأبحاث، في تقرير عن استطلاعات الرأي في الانتخابات الأميركية، إلى عوامل أخرى تؤدي إلى اختلاف نتيجة الاستطلاع عن النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة، ومن بينها عزوف بعض الناخبين عن التصويت عندما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم مرشحهم، ظنا منهم أنه قد ضمن الفوز.
ومما يزيد الأمور غموضا، صعوبة معرفة إذا ما كان المشاركون في الاستطلاع سيدلون بأصواتهم بالفعل أم لا.
ولفت تقرير المركز إلى أن نسبة عدم اليقين في استطلاعات الرأي ستكون أكبر هذا العام، وذلك نظرا لعوائق التصويت المرتبطة بجائحة كورونا، وتوجه عدد كبير من الناخبين للإدلاء بأصواتهم من خلال البريد.