"عروج ريس" اسم سفينة التنقيب التركية التي أشعلت التوتر في شرقي المتوسط، لكن هذا الاسم له قصة مرتبطة بالعهد العثماني واختياره ليس من قبيل الصدفة في ظل سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان التي يوظف فيها الماضي الغابر لخدمة أهدافه.
وبدأ اسم السفينة "عروج ريس" في الظهور في أغسطس الماضي، عندما أرسلتها تركيا إلى المنطقة المتنازع عليها مع اليونان شرقي المتوسط، للتنقيب عن الغاز، وصاحبها أسطول من القطع الحربية التركية.
وقبل أيام، سحبت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان السفينة من المنطقة المتنازع عليها وأعادتها إلى مرفأ تركي، في خطوة اعتبرتها أثينا خطوة في الاتجاه الصحيح.
لكن لم يطل الوقت حتى خرج وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، قائلا إن السفينة وصلت المرفأ للصيانة، متعهدا بعودتها لاحقا، الأمر الذي يبدو فُهم على أنه تصعيد من جانب أنقرة.
وسلط موقع "أحوال" المتخصص في الشؤون التركية في تقرير له الضوء على شخصية "عروج ريس".
ويقول الموقع إن عروج شخصية تاريخية حقيقية، متأصلة في التاريخ العثماني.
وكان عروج ريس قرصانا ثم تحول بحارا عثمانيا، وتعامل أولا مع الأمير كركود ابن السُلطان العثماني بايزيد الثاني ضد الصليبيين، ثم مع سلطان مصر بعد أن كان على الأمير أن ينجو بحياته بعد نزاع على الخلافة مع شقيقه.
وفي 1515، أرسل عروج هدايا ثمينة إلى السلطان العثماني سليم الأول، الذي أرسل له في المقابل سفينتين وسيفين مزينين بالألماس.
واستولى عروج وإخوته في 1516، على الجزائر العاصمة وأخذوها من الإسبان، مما أجبر الحاكم السابق على الفرار، ثم طلب الحماية من الإمبراطورية العثمانية.
وتمجد وسائل الإعلام التركية عروش وتقدمه بوصفه بطل عثماني.
واختيار هذا الاسم العثماني يأتي في سياق توظيف أردوغان للتاريخ العثماني في سياستها التوسعية، لكن المراقبين يختلفون على "مدى هوس" الرئيس التركي بالتاريخ العثماني.
وجادل المؤرخ المهتم بتاريخ الدولة العثمانية، آلان ميخائيل، "أن الرئيس أردوغان يسعى جاهدا لأن يكون كالسلطان التاسع للإمبراطورية، سليم الأول".
وتابع: "ويدعم اختيار عروج ريس كاسم لسفينة الأبحاث التركية، هذا الرأي، وذلك على الرغم من أنني أعتقد أن أردوغان يرى نفسه على أنه مزيج من العديد من السلاطين العثمانيين وليس سليم الأول فقط".
وبحسب تقرير "أحوال"، فإن أهداف الرئيس التركي تتجاوز مجرد التنقيب عن الغاز والخلاف على ترسيم الحدود البحرية مع اليونان.
والهدف الأول هو توسيع نفوذها ليشمل شمال أفريقيا، من ليبيا إلى تونس والجزائر، البلد المرتبطة بعروج.
وفي هذا السياق، ترى أنقرة في اليونان عقبة أمام تحقيق أهدافها التوسعية في شمال أفريقيا، مما يجعلها تتمسك بالاتفاق البحري مع حكومة فايز السراج، التي تجاهلت وجود جزيرة كريت اليونانية بين البلدين. لذلك، من الطبيعي أن تثير تركيا في عهد أردوغان مظالم تاريخية وتهدد بالمواجهة مع اليونان.
ثانيا، يرى الرئيس التركي في الاتحاد الأوروبي المنقسّم وحلف الناتو طريقه الوحيد لتقوية تركيا وتعزيز قوتها الإقليمية.
ولذلك، لا يفوّت أردوغان فرصة إلا ويبرز فيها قوته الناعمة وتبقى عبارات مثل "خفض التصعيد" و"الدعوة للحوار" في "المفاوضات التكتيكية"، حيث تعزز صورته الإيجابية بين معجبيه، الذين يتباهون على وسائل التواصل الاجتماعي بكيفية نشر زعيمهم القوي.