تاريخيا، سعت الجيوش إلى تطوير أسلحة أكثر فتكا بغية إلحاق أكبر قدر من الدمار بالعدو، لكن التغيرات الهائلة التي طرأت على النظام العالمي وإستراتيجيات الحرب، دفعت الدول إلى البحث عن وسائل أقل تدميرا، لكنها تحقق الهدف عينه.

وعاد مصطلح "الأسلحة غير الفتاكة" إلى الواجهة، الثلاثاء، بعدما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، رفع الحظر عن مبيعاتها إلى قبرص، وذلك لمدة عام.

ويأتي إعلان بومبيو في وقت ترتفع وتيرة التوتر في شرقي المتوسط بين قبرص واليونان من جهة وتركيا من جهة ثانية، على خلفية حقوق التنقيب عن موارد الطاقة في المنطقة.

فما هي الأسلحة غير الفتاكة؟ وكيف سيكون دورها في حال وقوع صراع ما؟

صممت الأسلحة غير الفتاكة من أجل إعاقة حركة العدو، سواء الأشخاص أو المعدات أو المنشآت، وشلها إذا تطلب الأمر، مع تقليل حجم القتلى والإصابات بين الأفراد، وكذلك تقليص الخسائر المادية.

وفي الوقت نفسه تهدف هذه الأسلحة إلى تحقيق الغايات العسكرية والأهداف السياسية، التي كانت الأسلحة التقليدية تحققها عبر التدمير الواسع.

وفي ورقة بحثية كتبت عام 1998، أشار العقيد السابق في القوات الجوية الأميركية جوزيف سينيسكالشي، إلى أن العمليات العسكرية داخل المناطق المدنية، مثل الصومال والبوسنة ورواندا، أظهرت أن الأسلحة التقليدية لا يمكنها أن تكون فعالة، لذلك بدأ البحث عن بدائل.

وعليه، يمكن القول إن بداية هذه الأسلحة كانت في تسعينيات القرن الماضي.

أخبار ذات صلة

وسط توتر مع تركيا.. واشنطن تقرر إعفاء قبرص من قيود التسلح
البنتاغون يكشف عدد صواريخ الصين النووية.. ويخشى "الثالوث"

وأشار سينيسكالشي إلى أن بعض العسكريين يشيرون إلى أن الحروب المستقبلية قد تتحول إلى صراعات قصيرة بلا دماء.

وهذا ما حدث بالفعل مع انتشار الإنترنت على نطاق أوسع، إذ باحت ساحة لشن هجمات إلكترونية أو ما يعرف بـ(السايبر) تؤدي إلى إلحاق خسائر كبيرة في الطرف الآخر وتشل حركته، من دون إراقة قطرة دم واحدة.

لكن الأسلحة غير الفتاكة لا تضمن دوما منع وقوع قتلى أو إصابات بشكل تام في ساحة المعارك، غير أنها تتميز عن الأسلحة التقليدية بأمرين: التحكم في النتائج، والدقة العالية.

وتستخدم الأسلحة غير القاتلة في عمليات الشرطة وحفظ السلام وحماية البعثات الإغاثية، وفي المعارك الحقيقية أيضا.

ويقول موقع دائرة الأسلحة غير الفتاكة في الجيش الأميركي على الإنترنت إن الجيش يستخدم هذه الأسلحة لعدة أغراض، هي إعاقة حركة الأفراد، وتعطيل المعدات، وتزويد الجنود بأدوات الحماية.

ويرى خبراء عسكريون أن تطوير الأسلحة الفتاكة لا يزال في مهده، فلم يمض عليه أكثر من 3 عقود، مقارنة بالترسانة التقليدية المستخدمة منذ قرون.

ومن النماذج على الأسلحة غير الفتاكة:

المواد الكيماوية التي تشل النقل: يمكن سكب هذه المواد على السكك الحديدية والمطارات، وعندها تصبح هذه المرافق غير صالحة للاستخدام لفترة محدودة.

الهجوم الكهرومغناطيسي: يعطل المعدات الإلكترونية داخل دائرة معينة، بما فيها تلك التي تشغل الطائرات والسفن الحربية، مع تأثيرات ضئيلة على البنية التحتية والأشخاص الموجودين في المكان.

الضوء والصوت المزعجان: يمكن تسليط هذين العنصرين على سفينة أو مركبة تقترب من نقطة عسكرية، مما يضغط كثيرا قدرات الموجودين فيها لدرجة تشويش القدرة على النظر والسمع.

الكاميرات المتطورة: يعفي هذا السلاح قوات الأمن والجيش من مواجهات واسعة النطاق، بمجرد نظرة من عسكري واحد على الشاشة، فهذا يقلص من حدة المواجهة مع العدو ويزيد سرعة الاستجابة.

كما تقول الأمم المتحدة إن الأسلحة غير الفتاكة تشمل تلك المستخدمة في فض المظاهرات، مثل قنابل الغاز والهراوات والصواعق التي تلجأ إليها الشرطة بغرض إنفاذ قانون وتلافي القتل.