دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الدول الأوروبية، للتفكير جيدا في مكانتها وتعديل أولوياتها، في حال قررت الولايات المتحدة الأميركية التخلي عن لعب دور القائد للعالم.
وفي مقابلة مع ست صحفية أوروبية بما فيها "الغارديان" البريطانية، قالت ميركل: "نشأنا على فكرة مفادها سعي الولايات المتحدة الأميركية لأن تكون قوة عالمية. إذا رغبت أميركا الآن بالانسحاب والتخلي عن هذا الدور بإرادتها الحرة، فسنضطر للتفكير مليا بتلك القضية بعمق".
وتعرضت ميركل، في وقت سابق، للانتقاد من جانب الولايات المتحدة لتخفيض إنفاق بلادها العسكري، ورفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب سقف هذا الانتقاد عندما كشف عن خطة لسحب 9500 جندي أميركي متمركزين في ألمانيا.
واعتبرت المسؤولة الألمانية أن الوجود الأميركي في أوروبا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، مضيفة أن "القوات الأميركية في ألمانيا لا تساعد على حماية البلاد الأوروبي العضو في الناتو فقط، وإنما تلعب دورا مهما في دعم مصالح أميركا".
ودافعت ميركل عن مسألة الإنفاق العسكري الألماني قائلة: "نعلم أنه يتعين علينا إنفاق المزيد من الأموال على الدفاع، وحققنا زيادة كبيرة في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، وسنواصل تعزيز قدراتنا العسكرية".
"موت الناتو" والنفوذ الروسي
وتطرقت ميركل في حديثها لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، العام الماضي، والتي قال فيها إن غياب القيادة الأميركية يتسبب في "موت دماغي" لحلف شمال الأطلسي، وحثّ أوروبا على البدء في العمل كقوة استراتيجية عالمية، حيث قالت: "هناك أسباب وتهديدات تجعلنا مقتنعين بالإبقاء على التزامنا بمجتمع الدفاع عبر الأطلسي ومظلتنا النووية المشتركة، الأمر الذي يحتّم على أوروبا تحمّل عبء أكبر مقارنة بأيام الحرب الباردة".
وردا على سؤال فيما إذا كانت ألمانيا قد قللت من التهديد الذي تمثله روسيا، أوضحت ميركل أنه لا يمكن إنكار "السلوك العدواني" لموسكو في بعض المناسبات، هذا إلى جانب قيادتها لـ "حملات تضليلية"، ولكنها أكدت وجود "أسباب جيدة لمواصلة الحوار البنّاء معها، والتعاون في مجموعة من الملفات المهمة كسوريا وليبيا، وبعض القضايا في الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي".
اقتصاد الاتحاد الأوروبي
وتناولت ميركل في حديثها الجانب الاقتصادي، حيث قالت إن بلادها تستطيع تحمل مزيد من الديون للمساعدة في تمويل برنامج تعافي اقتصادي غير مسبوق للاتحاد الأوروبي، لأنه من مصلحة ألمانيا أن ترى الكتلة تزدهر.
وأوضحت أن "جائحة فيروس كورونا المستجد تواجهنا بتحد ذي أبعاد غير مسبوقة"، مشيرة إلى اقتراحها والرئيس الفرنسي الشهر الماضي بإنشاء صندوق تعافي لمرة واحدة بميزانية 500 مليار يورو (543 مليار دولار) سيتم تمويله من خلال الاقتراض المشترك مع الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
وبيّنت أنه "بالنسبة لإيطاليا وإسبانيا، على سبيل المثال، فإن جائحة الفيروس المستجد تشير إلى عبء ثقيل في المجالات الاقتصادية والطبية، بطبيعة الحال، بسبب العديد من فقد الأرواح والأمور العاطفية. في هذه الظروف، من المناسب لألمانيا أن تفكر ليس فقط في نفسها بل في الاستعداد للانخراط في عمل تضامني استثنائي".
وأصرّت ميركل على أنه في حين أن الصندوق "لا يمكن أن يحل كل مشكلات أوروبا"، إلا أنه لولاه سيزداد الأمر سوءا.
وتابعت قائلة "ألمانيا لديها نسبة ديون منخفضة ويمكنها، في هذه الحالة الاستثنائية، تحمل المزيد من الديون. من مصلحة ألمانيا أن يكون لها سوق داخلية قوية وأن يصبح الاتحاد الأوروبي أكثر قربا من بعضه بعضا، وألا ينهار. كما هو الحال دائما، ما هو جيد لأوروبا جيد لنا"، حسبما نقلت "الأسوشيتد برس".