يلتقي ممثلون عن 40 دولة ومنظمة عالمية في مؤتمر شركاء السودان، الخميس، الذي يهدف إلى حشد الدعم الدولي لمساعدة الخرطوم على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ودفع جهود التحول الديمقراطي والتنمية في البلاد.
وفيما رهن مراقبون نجاح مخرجات المؤتمر بترتيب البيت الداخلي وتحقيق السلام الشامل والقضاء على بؤر الفساد ووضع خطة تنموية واستثمارية متوازنة، قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إن المؤتمر يأتي في ظل تحديات متعددة تواجهها البلاد.
وخلال حكم البشير الذي استمر 30 عاما وانتهى في 2019 بعد إطاحته إثر احتجاجات واسعة، شهدت البلاد تدهورا اقتصاديا، برزت ملامحه في خروج العديد من المشاريع الضخمة عن الخدمة، وارتفاع الديون الخارجية إلى أكثر من 60 مليار دولار أميركي، واتساع رقعة الفساد، مما جعل السودان ضمن أكثر 3 بلدان فسادا في العالم بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية.
مشاركة واسعة
ويخاطب المؤتمر، الذي يعقد بتقنية الفيديو كونفرنس، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل.
ومن الجانب السوداني سيحضر حمدوك، ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني إبراهيم البدوي، ووزيرة العمل والتنمية الاجتماعية لينا الشيخ.
وتشارك في المؤتمر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومجموعة من الدول الإفريقية والعربية، بما فيها إثيوبيا وجنوب السودان وجنوب إفريقيا ومصر، وأعضاء مجلس التعاون الخليجي، والصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا.
كما يشارك في المؤتمر أعضاء مجموعة العشرين، والمنظمات الإقليمية متعددة الأطراف، مثل الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والمؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي ومصرف التنمية الإفريقي وصندوق النقد الدولي.
ترتيب البيت الداخلي
وأكد القيادي في قوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، على ضرورة إصلاح البيت الداخلي واتخاذ إجراءات وتدابير اقتصادية فاعلة وواقعية تسهم في التوظيف الصحيح للموارد المتنوعة التي يزخر بها الاقتصاد السوداني.
ويشترط خلف الله لنجاح أي تعاون تنموي أو استثماري، ضرورة الإسراع في إصلاح الخلل الهيكلي الذي يعانيه الاقتصاد السوداني، والقضاء على العجز التجاري من خلال تهيئة البيئة المناسبة لزيادة الصادرات ذات القيمة المضافة، وكبح جماح التضخم الذي وصلت معدلاته إلى نحو 110 بالمئة.
وأبدى خلف الله قلقه من أن تتحول مثل هذه المؤتمرات إلى مجرد شكل من أشكال العلاقات العامة، مشددا على ضرورة توفر إرادة حقيقية سواء من قبل البلدان المانحة أو الحكومة السودانية، بحيث تتحول العملية برمتها إلى شراكة استثمارية إنمائية حقيقية.
وأكد خلف الله على ضرورة توجيه التعاون الدولي، بما يتفق مع المتغيرات الداخلية في السودان والواقع العالمي الجديد الذي فرضته جائحة كورونا.
وشدد على ضرورة أن تشمل أطر التعاون المساعدة في تخفيف أعباء الديون وإعادة تأهيل البنية التحتية ودعم وبناء السلام وإعادة بناء مؤسسات القطاع العام والشروع في تكوين شركات مساهمة عامة، وهيكلة القطاع المصرفي وتمكين بنك السودان وضبطه بقانون جديد يمكنه من اتباع سياسات تعبر عن المرحلة وتحدياتها.
مرحلة جديدة
ويتوقع الخبير الاقتصادي شوقي حسنين، أن يؤطر مؤتمر المانحين لمرحلة اقتصادية جديدة للسودان، إذا ما نجح في وضع أسس شراكة مثمرة، بدلا من أن يكون مجرد مؤتمر لتقديم العون المادي أو السلعي أو الخدمي المحدود.
وشدد حسنين على أهمية الاستفادة من موارد السودان الزراعية والطبيعية في تحقيق النمو وجذب الاستثمارات الخارجية وفقا لأطر شراكة إنتاجية مفيدة.
بارقة أمل
وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز المؤتمر بمثابة بارقة أمل للسودانيين، لأنه يأتى بعد "إسقاط الحكومة السابقة التى خربت الاقتصاد السودانى تماما ودمرت بنيته وتركته مفلسا".
ويقول عبد العزيز إن الدعم الدولي سيساعد السودان على الاستقرار، وبالتالي لعب دور فاعل في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي من خلال موقعه الجيوسياسيى المهم، حيث يعتبر حلقة وصل بين وسط وغرب القارة الإفريقية وشمالها ومنطقة القرن الإفريقى، إضافة إلى إطلالته الممتده لأكثر من 850 كيلومتر على البحر الأحمر، أحد أهم وأكبر معابر للتجارة الدولية.
ويرى عادل أن المستثمرين ومكونات المجتمع الدولي يمكن أن يستفيدوا من الميزات التفصيلية التي يتمتع بها السودان فى توفير الأمن الغذائي بشقيه الزراعى والحيوانى، ولعب دور أكبر في تسهيل التجارة الدولية، خصوصا في منطقة شرق إفريقيا، حيث يتشارك حدودا مباشرة مع 6 بلدان لا تمتلك موانئ أو منافذ بحرية.
وأكد عادل أن دعم المجتمع الدولي للسودان في هذه المرحلة الصعبة يعني "إطلاق مارد" يمكن أن يتحول خلال فترة وجيزة إلى داعم حقيقي للمجتمع الدولي، بدلا من أن يكون عالة عليه.
فرص وعقبات
وأكد الصحفي محمد عبد العزيز على أهمية المؤتمر في هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان، معتبرا أن الجانب الاقتصادي أحد أبرز التحديات التي تهدد عملية الانتقال الديمقراطي في السودان.
ورهن عبد العزيز استمرار الحكومة الانتقالية في السودان بالنجاح في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تتطلب شراكة اقتصادية حقيقية تقوم على إنشاء مشاريع إنتاجية خصوصا في المجال الزراعي، وتأسيس بنيه صناعية وتشجيع الاستثمار في مشروعات الطاقة.
واعتبر عبد العزيز مسألة إعفاء السودان من الديون من الجوانب المهمة التي تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي، مشيرا إلى ضرورة تخطي العقبة الرئيسية المتمثلة في إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي حرمته الكثير من الفرص.