لم يدر بخلد إدوراد كولستون، تاجر الرقيق الكبير الذي عاش قبل ثلاثة قرون أن ما فعله من أجل "الممكلة التي لا تغيب عنها الشمس" سيصبح جريمة إنسانية تلعنها الأجيال المتلاحقة، ورغم السنوات الطويلة التي حظي فيها اسمه بالتكريم بعد وفاته، جاء مقتل شاب أميركي أسود لينبش في سيرته التي كانت سببا رئيسيا للعنصرية في أميركا.
وأشعلت وفاة جورج فلويد، الرجل الأميركي من أصل إفريقي، بسبب ضغط ضابط شرطة من مدينة مينابوليس في ولاية مينيسوتا على رقبته لمدة تقترب من 9 دقائق، موجة من الاحتجاجات داخل أميركا وخارجها.
وربط المتظاهرون في مدينة بريستول، تمثال إدوارد كولستون، الذي ولد عام 1636 ميلادي، بالحبال وأسقطوه أرضا، ومن ثم جروه في شوارع المدينة إلى ألقوا به في نهر أفون، مرددين شعار "حياة السود مهمة".
فمن هو إدوارد كولستون؟
يعد إدوارد كولستون واحدا من كبار تجار الرقيق في القرن السابع عشر الميلادي، وكان عضواً في الشركة الإفريقية الملكية التي نقلت 84 ألف إفريقي، من بينهم رجال ونساء وأطفال، للعمل في الأميركتين إبان فترة العبودية.
وتشير مصادر متعددة إلى وفاة نحو 30 ألف شخص إجمالا خلال عمليات نقل الأفارقة إلى الأميركيتين في عهد كولستون، الذي كان عضوا في البرلمان البريطاني، وله شارع يحمل اسمه في مدينة بريستول إلى اليوم.
وقبل وفاته في عام 1721 ميلادي، أوصى كولستون بتخصيص ثروته كلها لصالح الأعمال الخيرية، ولا تزال العديد من المدارس والمباني والمؤسسات الخيرية تحمل اسمه في مدينة بريستول.
وإلى أن تم إسقاط تمثاله يوم الأحد الماضي، تضامنا مع الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة، كان كولستون يعد أحد أبطال مدينة بريستول من وجهة نظر السلطات، التي كانت تعتبره راعيا للثقافة ونموذجا للأعمال الخيرية.
وحوّل المتظاهرون المنصة، التي كانت تحمل تمثال كولستون البرونزي الذي تم نصبه عام 1895 ميلادي، إلى منبر لإلقاء الخطب المناهضة للعنصرية، والمطالبة بإنصاف الأشخاص الذي يتحدون من أصول إفريقية.
وذكرت صحيفة الإندبندنت" البريطانية، أن سكان مدينة بريستول تقدموا مؤخرا إلى مجلس المدينة، بطلب لإزالة تمثال كولستون المثير للجدل، مرفق بوثيقة وقع عليها أكثر من 10 آلاف شخص.
لكن عدم استجابة السلطات لطلب السكان، دفعهم إلى التصرف من تلقاء أنفسهم، وإطاحة التمثال، في ظل تصاعد المظاهرات المناهضة للعنصرية في أكثر من مكان بالعالم على خلفية مقتل فلويد في 25 مايو الماضي.