نبهت مجلة "لانكوريكت" الفرنسية، إلى أن القلاقل التي يحدثها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا وليبيا تنذرُ أوروبا بالكثير من المتاعب الإنسانية والأمنية، في ظل حرص أنقرة على تقديم دعم سخي لجماعات متشددة.
ولا تقتصر تدخلات تركيا على دولة واحدة في المنطقة العربية، بحسب المجلة، بل إنها حاضرة في ليبيا وسوريا، ولها أياد في ملفات أخرى معقدة بالمنطقة لأجل زعزعة الاستقرار وتقويض الدولة الوطنية.
وأوردت المجلة في تحليل صدر حديثا، أن تركيا تحاول إيجاد حلفاء جدد في منطقة شمال إفريقيا بعدما فقدت حليفا بارزا في السودان، بسقوط نظام عمر البشير المحسوب على تنظيم الإخوان في أبريل 2019.
وفي الآونة الأخيرة، فتحت تركيا أبوابها أمام اللاجئين الموجودين على أراضيها حتى يغادروا صوب السواحل الأوروبية، في خطوة أثارت انتقادات واسعة بين الدول الأعضاء في بروكسل، واعتبر مراقبون هذه الخطوة بمثابة عملية ابتزاز صريحة.
وفي نوفمبر الماضي، أبرمت تركيا اتفاقا عسكريا مع حكومة فايز السراج في طرابلس، وفي مطلع 2020 وافق البرلمان التركي على مشروع قانون يسمح بإرسال قوات إلى ليبيا، ثم وافق أردوغان على التشريع، في فبراير الماضي.
وبحسب المجلة، فإنه قوات تركية خاصة جرى رصدها في ليبيا، إلى جانب معدات عسكرية من أنقرة، قبل الموافقة على القانون الذي يتيحُ التدخل العسكري بليبيا، حيث يخوض الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، حربا ضارية ضد الإرهاب في مسعى لإعادة الاستقرار إلى البلاد.
ولم تقف الأمور عند حدود هذا الدعم العسكري، إذ كشفت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن تركيا قامت بنقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، على متن رحلات جوية، وهو ما أثار مخاوف أوروبية شديدة.
وحذرت المجلة من احتمال تسلل هؤلاء الإرهابيين بين المهاجرين الذين يقصدون السواحل الأوروبية، انطلاقا من ليبيا، وفي حال حصل هذا الأمر المحتمل، فإن ذلك يستوجب أن يقف المجتمع الدولي بحزم ضد أردوغان، وفق ما ذكرته المجلة.
وأشارت المجلة إلى أطماع أردوغان في المنطقة، قائلة إنها تندرج ضمن محاولات إحياء الدولة العثمانية التي تهاوت في القرن الماضي.
لكن هذا الحضور التركي في المنطقة ليس أمرا "مستغربا" بحسب المجلة، لأن علاقة تركيا بتنظيمات الإخوان تعود إلى القرن الماضي، إذ أن السياسي التركي، نجم الدين أربكان، أنشأ ذراع الإخوان في تركيا سنة 1969، عندما أسس ما عرف، وقتئذ، بـ"ميلي غورو" أي (الحركة الوطنية).
وفي سنة 1983، أنشأ أربكان حزب الرفاه الإسلامي الذي كان كنفا لبروز أردوغان، وحاول زعيم التيار السياسي أن يوحد عددا من الدول الإسلامية؛ وهي ليبيا وإيران ومصر وباكستان وإندونيسيا ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا، تحت يافطة مشروع الإخوان، لكن المشروع مني بالفشل.
وذكرت المجلة أن أردوغان يلجأ إلى هذه التدخلات في الخارج لأجل خدمة مصالح أنقرة فقط، بل لأجل تعزيز موقعه في الداخل، لاسيما في ظل الانقسامات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية خلال العامين الأخيرين.