على خطى إيران، يسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى تأسيس ما يشبه الميليشيات في المدن التركية، مما ينذر بخطر كبير، كما تقول المعارضة التركية.
وبدأت القصة في أواخر يناير الماضي عندما تقدم النائب عن الحزب الحاكم في تركيا، محمد موش، بمشروع تعديل قانون حراس الليل في البلاد.
ووافقت لجنة فرعية في البرلمان على معظم مواد القانون الجديد، ويبدو أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في وضع يسمح له حاليا بتمرير القانون الجديد.
ويسعى المقترح إلى زيادة صلاحيات هؤلاء الحراس، بحيث يصبح بوسعهم طلب هويات الأشخاص وتفتيشهم واحتجازهم واستخدام السلاح إن لزم الأمر، وهي صلاحيات تضطلع بها الشرطة.
وأعادت الحكومة التركية إحياء ما يسمى "قوة حراس الليل" في عام 2016، في إطار سعيها لدعم قوات الشرطة للحفاظ على الأمن العام في الأحياء السكنية.
وفي وسع هؤلاء الحراس حاليا تنظيم دوريات حراسة في الأحياء واستدعاء الشرطة عند الحاجة ومساعدتها، لكن دون حمل السلاح.
وخلال السنوات الماضية، تنامت هذه القوة كثيرا حتى أصبح عددها يفوق 200 ألف حارس، وهو يشكل خطرا في نظر الكثير من المعارضين ودعاة حقوق الإنسان وحتى من أعضاء سابقين في الحزب الحاكم.
مخاوف عديدة
ومما يثير المخاوف في مشروع القانون الجديد أن الحراس مدنيون تتولى تعيينهم وزارة الداخلية التركية، وتختارهم من بين الموالين للحزب الحاكم حصرا.
ويقول النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، علي أوزتونك، إنه يعارض القانون لكونه يمنح الحراس سلطة يمكن بسهولة أن يسيئوا استخدامها.
ومن جانبه، اعتبر النائب السابق عن الحزب الحاكم مصصطفى ينار أوغلو في تغريدة عبر "تويتر" أن الصلاحيات الجديدة الممنوحة للحراس ستؤدي إلى انتهاكات صارمة لحقوق الإنسان، خاصة أنها منحت لأشخاص لم يتلقوا أي تدريب.
ويقول الكاتب التركي، ذو الفقار دوغان، في مقال له على موقع أحوال التركي، إن توسيع صلاحيات حراس الليل وتسليحها يعني تشكيل قوة شبه عسكرية موالية لأردوغان
ويرصد دوغان مفارقة غربية في أمر الحزب الحاكم، فهو الذي ألغى في 2007 قوة الحراس الذين كانوا يقومون بدوريات في الأسواق منذ عهد العثمانيين، لكن بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 أعاد الحزب نفسه بزعامة أردوغان إحياء هذه القوة.
نفس السيناريو الإيراني
ويعتقد كثيرون أن هذه المبادرة تنبع من رغبة حكومة أردوغان في بناء قوة أمنية مسلحة موثوقة، إذ إنها لا تثق في قوات الأمن النظامية، التي طردت الآلاف من عناصرها بشبهة الانتماء لجماعة فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب، بحسب ما يقول الكاتب التركي.
وهناك الآلاف الذين يعتقد أردوغان أنه لم يتم اكتشافهم داخل قوات الأمن، ويدينون بالولاء لغولن.
ويشبه هذا السيناريو كثيرا ما حدث في إيران، إذ سعى نظام الملالي إلى تكوين ميليشيات موازية للقوات الحكومية، لأنه يشك في ولائها له ويعتقد أنها قد تنقلب عليه.
ومن بين هذه الميليشيات التي أسسها مرشد النظام الإيراني السابق، الخميني، هي الباسيج أو ما تعرف بقوات التعبئة الشعبية، التي إحدى مهامها المساعدة على حفظ الأمن في المدن، لكنها الوجه الأكثر وضوحا في قمع المظاهرات المطالبة بالتغيير أيضا.