تعيش قبرص حالة صراع مستمر مع تركيا منذ عقود، لكن تحركات أنقرة الأخيرة، سواء فيما يخص غاز المتوسط، أو ليبيا، فرضت على قبرص تحديات جديدة، بشأن كيفية التصرف، حيال التحركات التركية.
وفي غرفة مراقبة وتحكم تابعة لوزارة الدفاع القبرصية، يتم رصد التحركات الجوية والبحرية حول الجزيرة، ويتم مراقبة الرقع الـ13 التي حددتها قبرص للتنقيب عن الغاز، كما يظهر الحفاران التركيان "فاتح" و"يافوز".
ويقول النقيب طيار أندرياس زاخاريا، من داخل غرفة عمليات البحث والإنقاذ: "نرصدهما ونرصد تحركاتهما... الحفار يافوز يوجد حاليا جنوبي جمهورية قبرص ويعمل بشكل غير قانوني في رقعة تم منح حق العمل فيها لشركة إيني الإيطالية، وإلى الشرق من الجمهورية يوجد الحفار "فاتح" والذي يقوم أيضا بأنشطة غير قانونية في مياهنا الاقتصادية".
وبينما تنتهك تركيا سيادة قبرص بشكل واضح، يفرض سؤال نفسه على القبارصة، وهو ما العمل؟
إحدى الإجابات المطروحة، هي ضرورة التوصل إلى تسوية مع تركيا، وفقا للنائبة المعارضة إليني مافرو.
وتقول مافرو، عضو لجنة الدفاع في البرلمان القبرصي: "أعتقد أننا استبعدنا الخيار العسكري منذ فترة طويلة... تركيا عضو في الناتو وتملك قوة عسكرية لا يملك مثلها إلا القليل من دول المنطقة، لذا فإن البديل الوحيد هو إيجاد حل سلمي للمشكلة القبرصية".
أما في مبنى البرلمان، تؤكد الأجواء المستقرة أن هذه الجزيرة تكيفت مع حالة الصراع الذي تعيشه مع تركيا منذ 45 عاما.
وقال ديمتريس سيلوريس، رئيس البرلمان القبرصي: "لقد اعتدنا على التصرفات الاستفزازية التركية منذ الغزو والاحتلال التركي عام 1974، لكن التصعيد الذي وقع مؤخرا يستدعي في رأي رئيس البرلمان تصديا حازما لأنقرة لا "ترضية" لها".
وأضاف: "الرد الوحيد على تركيا هو التعاون بين كل تلك الدول القلقة من التصرفات التركية في المنطقة لمواجهة هذا الهجوم والعنف بتعاون من أجل إحلال السلام والتنمية".
ونشطت الحكومة القبرصية في الآونة الأخيرة في نسج شبكة من التحالفات الإقليمية والدولية، ليس فقط على المستوى الدبلوماسي ولكن كذلك عسكريا، بتدريبات مشتركة مع القوات المسلحة لعدد من البلدان الفاعلة في شرق المتوسط.
الصراع بين قبرص وتركيا لم ينته، بشكل رسميا على الأقل، وهو فقط في حالة جمود، ورغم أن لا أحد يريد هنا أن يقرع طبول الحرب مرة أخرى، إلا أن هناك إحساس بأن منسوب التوتر ارتفع كثيرا في الآونة الأخيرة، وأن أهم سلاح تملكه قبرص إزاء هذا التوتر هو تقوية تحالفاتها الإقليمية والدولية.