لا شك أن أنظار المراقبين والسياسيين اتجهت باتجاه العاصمة التونسية بعد الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عهد الرئيس الجديد قيس سعيد، لتثير التساؤلات بشأن قرع تركيا لطبول الحرب.
فأردوغان وحكومته يعملان ليل نهار على المضي في خطط التدخل في المتوسط ومزيد من التدخل في الأزمة الليبية، وبدا هذا جليا في الطلب الرسمي من حكومة فايز السراج للحصول على دعم عسكري جوي وبري وبحري لمواجهة الجيش الوطني الليبي.
ويأتي هذا بالتزامن مع زيارة أردوغان إلى تونس لقرع طبول الحرب في شرق المتوسط، إلا أن الموقف التونسي جاء مناقضا تماما للموقف التركي، فتونس تدعو وتسعى من أجل السلام في الجار الليبي، بينما أردوغان يريدها حربا مستعرة.
وأوضحت الرئاسة التونسية في بيان بشأن محادثات سعيد ونظيره التركي أنها تضمنت طرح مبادرة للسلام في ليبيا تقوم على جمع الليبيين على كلمة سواء وطي صفحة الماضي، وأضافت أن ممثلي القبائل والمدن الليبية أعربوا عن استعدادهم لهذه المبادرة.
وفي وقت كانت الرئاسة التونسية تعلن عن مبادرتها للسلام، كان الرئيس التركي يعد ورقة التدخل العسكري المباشر في تركيا للمصادقة عليها في البرلمان.
وقال أردوغان في خطاب في أنقرة، الخميس، بعد عودته من تونس: "سنقدم المذكرة لإرسال جنود إلى ليبيا فور استئناف أعمال البرلمان في السابع من يناير المقبل".
كما أثار تصريح وزير داخلية حكومة فايز السراج الليبية، فتحي باش أغا، بأن "حكومة الوفاق وتونس والجزائر في حلف واحد" جدلا واسعا وسط التونسيين.
وتأكيدا على التصدي للمخططات التركية لزج تونس في الأزمة الليبية، نفت مؤسسة الرئاسة التونسية وجود أي حلف مع أحد أطراف النزاع في ليبيا ردا على ما ورد في تصريحات أردوغان ووزير داخلية حكومة الوفاق الوطني في ليبيا.
فأردوغان يسعى بقراره إلى نشر التوتر في منطقة شرق المتوسط وإثارة الاضطرابات، وهذا دفع الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، للتحرك فهاتف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واتفقا على رفض التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، كما كشف السيسي عن موقفه الواضح من الأزمة الليبية، مؤكدا دعمه للجيش الليبي ورفضه التدخل في الشؤون الليبية في حديثه مع رئيس الوزراء الايطالي جوسيبي كونتي.
لماذا ليبيا الآن؟
تركيا تسعى جاهدة لاقتحام الساحة الليبية سياسيا وعسكريا، فيما بدا وأنه تدخل غير مبرر لأردوغان، إلا أنه بالتمعن في حجم الأطماع التركية في ليبيا والعوائد الهائلة التي ستعود عليها تتضح المصالح الاقتصادية التي ستحققها أنقرة من الأموال الليبية.
وذكرت صحيفة "ديلي صباح" التركية، أن المقاولين الأتراك امتلكوا مشاريع في ليبيا تصل قيمتها إلى 28.9 مليار دولار، ولعل هذا هو الهدف الحقيقي وراء الدعم التركي الكبير لحكومة السراج.
فخلال الأشهر الأخيرة، وصلت المحادثات التركية الليبية بشأن الجوانب الاقتصادية إلى ذروتها، قبل أن تعطلها معركة طرابلس التي أعلنها الجيش الليبي، لاستعادة العاصمة من قبضة حكومة السراج والميليشيات الإرهابية الموالية لها.
وأوضحت الصحيفة، أنه قبل شهر من إعلان الجيش انطلاق معركة تحرير طرابلس، اتفقت مجموعة عمل تركية ليبية لمقاولين، على استكمال المشاريع غير المنتهية للشركات التركية في ليبيا.